Pin It

التفجُّعُ أو تجربةُ الفَقْد bereavement هي فترةٌ من الحزن والأسى تعقب الـموت، وتعدُّ جزءًا طبيعيًا من التفاعل مع الخسارة أو فقدان عزيز. وقد يكون هذا التفاعلُ الحزين نفسيًا أو جسديًا أو اجتماعيًا أو انفعاليًا. تشتمل التفاعلاتُ أو ردودُ الفعل النفسيَّة على الغضب والشعور بالذنب والقلق والأسى واليأس. أمَّا ردودُ الفعل الجسديَّة فقد تشتمل على اضطرابات النوم وتغيُّرات الشهية والـمشاكل الجسديَّة أو الـمرض.
يُمكن أن تُفيدَ الـمعلوماتُ التَّالية الطفلَ الذي فقد أحدَ أفراد أسرته، أو إذا كان هذا الشخصُ يحتضِر أمامَه. يتفاعل الأطفالُ بطريقةٍ مختلفة عن البالغين عندَ التعامل مع وفاة عزيز. ولذلك، لابدَّ من معرفة ردود الفعل الطبيعيَّة تجاه الفَقد عندَ الأطفال، وتلك التي تشير إلى تكيُّفٍ غير طبيعي مع الحزن.

العمر وردود الفعل تجاه الفَقد

من الـمهمِّ فهمُ ما يجول فـي خاطر الأطفال قبلَ الحديث معهم عن الـموت، ويعود ذلك إلى أنَّه ينبغي التكلُّم معهم بما يستوعبونه:
- يستطيع الرضَّعُ والأطفال الصغار إدراكَ الحزن لدى الآخرين، لكنَّهم لا يفهمون معنى الـموت فهمًا حقيقيًا.
- يعتقد الأطفالُ قبلَ سنِّ الـمدرسة أنَّ الـموتَ مؤقَّتٌ ويمكن العودة منه، وهو يشبه الانفصال.
- يبدأ الأطفالُ بعمر أكثر من 5 سنوات بفهم أنَّ الـموتَ يدوم للأبد؛ لكنَّهم يعتقدون أنَّه شيءٌ ما يحدث للآخرين، وليس لهم أو لذويهم.
- يفهم الـمراهقون أنَّ الـموتَ هو توقُّف وظائف الجسم بشكلٍ دائم.

رعاية الطفل تجاه الفقد الـمتوقّع


يُمكن أن يستفيدَ الطفلُ من الدَّعم الخاص الـمقدَّم له إذا كان أحدُ أفراد أسرته يحتضِر، حيث تُقدِّم دورُ رعاية الـمرضى فـي بعض الـمجتمعات رعايةً ما قبل الوفاة pre-bereavement care لـمساعدة الذين يوشكون على الـموت وأسرهم. يجب تشجيعُ تقديم ذلك، لاسيّما للأطفال، لأنَّ مستوى الشدَّة النفسية عند الأطفال يصل إلى أعلى مستوياته قبلَ وفاة أحد أفراد العائلة، بسبب مشاعر الخوف والـمُستقبَل الـمجهول. تُعطي رِعاية ما قبلَ الوفاة الطفل فُرصةَ التفكير والحديث عن مشاعره، والتَّعبير عن مخاوفه للآخرين.
إذا كان أحدُ الوالدين يعرف أنَّه على وشك الـموت، يقترح بعضُ الاختصاصيين أن يصنعَ الشخصُ صندوقًا للذكريَّات ويعطيه لطفله، أو يقوم الـمريضُ وطفله بصنعه معًا. ويحتوي هذا الصندوقُ على أشياء تُذكِّر الطفل والـمريض بالوقت الذي قضياه معًا. ويُمكن أن يوفِّرَ ذلك حلقةَ وصلٍ مهمَّةً بين الـمريض وطفله بعدَ وفاته.

تجربة الفقد بالنسبة للطفل


عندما يمُرُّ الطفلُ بتجربة وفاة أحد الأشخاص الذين يُحبُّهم، فمن الأفضل له أن يتحدَّثَ عن الشخص الـمُتوفَّى، سواءٌ أكان جدّه أو أمَّه أو أخاه أو أخته أو صديقه؛ فالتعاطُفُ مع الشخص والحديث عن مشاعره وعن الشخص الـمُتوفَّى هو أمر مهمّ، لاسيّما للأطفال. ومن الـمُهم أيضًا أن يكون ذلك مع شخص يستطيع الحديثَ معه، ويُمكن أن يكونَ الحديث من خلال الصور أو الألعاب أو صناديق الذكريات أو القصص.
إذا لم يترك الشخصُ الـمُتوفَّى صندوقًا للذكريَّات، يمكن أن يقومَ أفرادُ عائلة الطفل بصنع هذا الصندوق؛ ويُمكن أن يحتوي على هدايا أو أصداف جُمعت من الشاطئء، أو إحدى الذكريات التي كتبها الـمُتوفَّى على بطاقة، أو على أيّ شيء ممَّا يجعل الطفلَ يشعر بأنَّه على تواصل مع ذلك الفقيد.
يعتمد الوقت الذي يستمرُّ عليه التفجُّعُ على مدى القرب من الـمتوفَّى، وعلى توقُّع حدوث الوفاة، فضلًا عن عوامل أخرى. وقد يكون الأصدقاءُ والعائلة وإيمان الشخص مصدرًا للدعم. كما يمكن أن يستفيدَ الـمرءُ من النصائح وأخذ مشورة الآخرين.
الـمشاعر والتصرُّفات الطبيعية لدى الطفل بعدَ الفَقد
من الطبيعيّ حدوثَ الحزن بعدَ وفاة أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء. ولذلك، يُتوقَّع أن يبدي الطفلُ بعضَ الـمشاعر والتصرُّفات التي قد تنشأ فـي ظروف غير متوقَّعة، مثل:
- الحزن والبكاء.
- الغضب، حيث قد ينفجر الطفلُ غاضبًا أو يلعب بشكلٍ خَشِن أو يمرُّ بكوابيس أو يتشاجر مع أفراد العائلة. ويعود ذلك إلى أنَّ الطفلَ لا يشعر بأنَّه تحت السيطرة.
- التصرُّف كتصرُّفات من هم أصغر سنًّا؛ فالكثيرُ من الأطفال يميلون إلى التدلُّل، لاسيَّما بعدَ وفاة أحد الوالدين، حيث قد يرغب بالهزِّ أو بالنوم مع أحد الكبار أو يرفض البقاءَ وحيدًا.
- تكرار الأسئلة نفسها؛ وربَّما يُكثِرون من السؤال نفسه لأنَّهم لا يُؤمِنون بأنَّ من يحبُّونه قد مات، ويحاولون تقبُّلَ ما قد حدث.
ماذا يجب على الآباء أو الكبار القيام به تجاه الطفل؟
- عليهم ألاَّ يكذبوا بشأن ما حدث، فالأطفالُ أذكياء؛ ويُدرِكون الكذبَ ويستغربون منه.
- تجنّب إرغام الأطفال الخائفين على الذهاب إلى الجنازات، والبحث عن طرائق أخرى لتذكُّر الـمتوفَّى وتكريمه، كالصلاة، أو إلقاء نظرة على الصور.
- إعلام مدرِّسي الطفل بما حدث، حتى يتمكَّنَ الطفلُ من الحصول على الدعم فـي الـمدرسة.
- تقديم الكثير من الحبِّ والدعم للأطفال الحزينين، والسَّماح لهم أن يَقولوا قِصَصهم والاستماع لها. وهذه إحدى طرائق الأطفال فـي التعامل مع الحزن.
- إتاحَة الوَقت للحُزن لدى الأطفال، وتَجنُّب الطلب منهم العودة إلى الأنشطة العاديَّة قبل انتهاء وقت الحزن، حيث قد يسبِّب ذلك مشاكلَ نفسيَّة فـي وقتٍ لاحق.
- على البالغ أن ينتبهَ إلى حالة الحزن لديه؛ فالطفلُ ينظر إليه ويفهم كيفية تعامله مع الحزن والفَقد.
متى يجب طلب الـمشورة من الطبيب؟
قد تحدث لدى الأطفال مشاكل حقيقيَّة مع الحزن فـي الحالات التالية:
- إنكار حدوث الوفاة.
- الإصابة بالاكتئاب، وفقد الاستمتاع بالأنشطة.
- عدم اللعب مع الأصدقاء.
- رفض البقاء فـي حالة الوحدة.
- رفض الذهاب إلى الـمدرسة أو تراجع الأداء الـمدرسيّ.
- تغيُّر رغبة الطفل بتناول الطعام.
- اضطراب النوم.
- الـميل إلى ممارسة دور الطفل الأصغر سنًا لـمدّة طويلة (النُّكوص).
- التعبير عن الرغبة باللحاق بالشخص الـمتوفَّى.