Pin It

يمكن أن تَقِي اللقاحاتُ بإذن الله، بمختلف أشكالها وأنواعها، من الأمراض السَّارية والمُعدِيَة، والتي يمكن أن تسبِّبَ الوفياتِ أو الضررَ للعديد من الرضَّع والأطفال والبالغين. ومن دون هذه اللقاحات، سيكون الطفل في خطر من الإصابة باعتلال صحِّي خطير أو المعاناة من الألم أو العجز أو الإعاقة، أو حتَّى من الوفاة بسبب بعض الأمراض مثل الحصبة measles والسُّعال الدِّيكي (الشَّاهوق) whooping cough.

المخاطرُ الرئيسيَّة المصاحبة لأخذ اللقاحات هي عِبَارة عن تأثيراتٍ جانبيَّة، تكون خفيفة في معظم الحالات (كالاحمرار والتورُّم في موقع حقن اللقاح أو بعض الارتفاع الخفيف في درجة الحرارة)، وتزول خلال بضعة أيَّام. أمَّا التأثيراتُ الجانبيَّة الخطيرة، مثل التفاعلات التحسُّسية الشديدة، فهي نادرةٌ جداً، ويكون الأطبَّاءُ وكوادر المستوصف أو العيادة مدرَّبين على التعامل معها. وتَفوقُ منافعُ اللقاحات في الوقاية من الأمراض بكثير التأثيراتِ الجانبيَّةَ المحتملة بالنسبة إلى جميع الأطفال تقريباً.

تعدُّ اللقاحاتُ آمنةً جداً، حيث تعمل الجهات المسؤولة عن تحضير هذه اللقاحات على جعلها كذلك إلى أبعد حدٍّ. ويجري تلقيحُ ملايين الأطفال سنوياً من دون أي مشاكل صحِّية.

 

هل هناك علاقةٌ بين اللقاحات والتوحُّد؟

لا توجد دراساتٌ أو أبحاث علميَّة تُثبِت وجودَ علاقة بين اللقاحات والتوحُّد؛ غير أنَّ بعضَ الأفراد أشار إلى أنَّ مركَّب ثِيميرُوسال thimerosal (الذي يحتوي على الزئبق)، في اللقاحاة المُعطَاة للرضَّع والأطفال الصغار، يمكن أن يكونَ سبباً في التوحُّد؛ بينما أشار آخرون إلى أنَّ اللقاح المشترَك للحصبة والنُّكاف والحميراء "الحصبة الألمانيَّة" measles- mumps-rubella (MMR) قد يرتبط بالتوحُّد. ولكنَّ العديدَ من العلماء والباحثين درسوا ولا يزالون يدرسون اللقاحَ المشترَك للحصبة والنُّكاف والحُمَيراء ومركَّب ثِيميرُوسال، وقد توصَّلوا إلى الاستنتاج نفسه، وهو أنَّه لا توجد علاقةٌ بين أخذ اللقاحات والتوحُّد.

بدأ الخوفُ من اللقاحِ المشترَك للحصبة والنُّكاف والحميراء "الحصبة الألمانيَّة" MMR قبلَ عدَّة سنوات، وذلك بعدَ تقرير نُشِرَ في مجلَّة لانست The Lancet، حيث وصفت حالاتِ ثمانية أطفال ذكر آباؤهم أنَّهم أُصيبوا بأعراض التوحُّد وبمشاكل هضمية بعدَ فترة قصيرة من من أخذ الجرعة الأولى من لقاحِ الحصبةِ والنُّكاف والحميراء. وقد افترضَ الباحثون أنَّ اللقاحَ يمكن أن يكونَ سبباً في إثارة شكلٍ غير معروف سابقاً من التوحُّد التَّقَهقُريّ regressive autism؛ وأشاروا إلى أنَّ فيروسَ الحصبة في اللقاح ربَّما انحشرَ أو عَلِقَ في الأمعاء، مسبِّباً شكلاً ما من التفاعل الذي أثَّر في الدِّماغ. وبعدَ ذلك، درسَ الخبراءُ ما إذا كان لقاح MMR يمكن أن يسبِّبَ التوحُّد؛ ولتحقيق ذلك، قاموا بتتبُّع مؤشِّرات معيَّنة على ذلك بين الأطفال الذين أخذوا اللقاحَ والذين لم يأخذوه.

ومنذ ذلك الحين، لم تُظهِر عشراتُ الدراسات على ملايين الأطفال في العديد من البلدان فارقاً معتبراً في معدَّلاتِ التوحُّد بين الأطفال في المجموعتين؛ وبذلك خلص العلماءُ إلى أنَّه من المستَبعَد جداً أن يؤدِّي لقاحُ الحصبة والنُّكاف والحميراء إلى التوحُّد.

 

هل يمكن أن تزيدَ اللقاحاتُ العبءَ على جهاز المناعة لدى الطفل؟

لا تؤدِّي اللقاحاتُ إلى زيادة العبء على الجهاز المناعي؛ ففي كلِّ يوم ينجح جهازُ المناعة لدى الطفل السليم في مكافحة ملايين الجراثيم والمِكروبات. وتعدُّ مولِّداتُ الأجسام المضادَّة (المستضدَّات) antigens جزءاً من المكروبات التي تحرِّض عملَ  الجهاز المناعي.

تأتِي المستضدَّاتُ في اللقاحات من المكروبات نفسِها، لكن بعدَ إضعافها أو تَوهِينها أو قتلها، بحيث لا تستطيع التسبُّب في أمراض خطيرة. وحتَّى في حالة أخذ عدَّة لقاحات في يومٍ واحد، فإنَّها لا تحتوي إلاَّ على جزءٍ بسيط من المستضدَّات التي يتعرَّض لها الرضَّعُ والأطفال يومياً في بيئتهم بشكلٍ طبيعي. وتؤمِّن اللقاحاتُ للطفل الأضداد (مضادَّات الأجسام) antibodies التي يحتاجون إليها لمواجهة الأمراض الخطيرة التي جرى تلقيحُهم ضدَّها.

 

هل يمكن الانتظارُ حتى يلتحقَ الطفلُ بالمدرسة لإعطاء اللقاحات؟

يمكن أن يتعرَّضَ الأطفالُ الصِّغار، قبلَ دخول المدرسة، من الوالدين أو البالغين الآخرين أو الإخوة والأخوات، لأمراضٍ يمكن الوقايةُ منها بأخذ اللقاحات. ويعدُّ الأطفال دون عمر 5 سنوات بشكلٍ خاص عُرضةً للأمراض، لأنَّ أجهزتهم المناعيَّة لا تكون قد نَضجَت دفاعاتُها الضروريَّة لمكافحة العدوى. ولذلك، ينبغي عدمُ الانتظار في حماية الطفل وتعريضه لأخطار هذه الأمراض، رغم حاجته إلى اللقاحات قبلَ هذا العمر.

 

هل يمنع مرضُ الطفل من أخذ اللقاحات أو يستوجب تأجيلَها؟

بدايةً، يجب استشارة الطبيب، ولكن يمكن في العادة تلقيحُ الطفل حتَّى وإن كان يعاني من مرضٍ خفيف، مثل الزُّكام وألم الأذن والحمَّى الخفيفة والإسهال.

 

أليسَ لدى الطفل مناعةٌ طبيعيَّة؟ ألا تكفي للوقاية من الأمراض وتُغنِي عن اللقاحات؟

يمكن أن يحصلَ الرضَّعُ على بعض المناعة أو الحماية المؤقَّتة من الأمِّ خلال الأسابيع القليلة الأخيرة من الحمل، ولكنَّ هذه المناعةَ تقتصر على الأمراض التي لدى الأمِّ مناعةٌ تجاهها. كما أنَّ الإرضاعَ الطبيعي يمكن أن يحمي الطفلَ مؤقَّتاً من حالات العدوى الخفيفة، مثل الزُّكام ونزلات البرد. لكنَّ الأضدادَ الناجمة عن هذه المناعة المؤقَّتة لا تدوم طويلاً، ممَّا يجعل الطفلَ الرضيعَ عُرضةً للأمراض.

تحدث المناعةَ الطبيعيَّة عندما يتعرَّض الطفلُ للمرض ويُصاب بالعدوى؛ ومع أنَّ هذه المناعةَ تؤدِّي عادةً إلى حمايةً أفضل من التلقيح، لكنَّ المخاطرَ أكبر بكثير؛ فمثلاً قد تؤدِّي العدوى الطبيعية بالحُماق (الجُدَيري المائي) chickenpox إلى التهاب الرئة الخطير، في حين أنَّ اللقاحَ يمكن ألاَّ يسبِّبَ سوى بعض الألم في الذراع لمدَّة يومين.

kaahe.org