اضطراباتُ النَّظم arrhythmias هي مشاكلُ أو خلل فـي نظم أو نبضان القلب (بشكل تسرُّع أو بطء أو عدم انتظام فـي ضرباته)، يكون دائمًا أو متقطِّعًا يأتي على نوبات. ولكن، يمكن أن يعيشَ معظمُ الـمصابين بهذه الاضطرابات حياةً طبيعية إذا كان تشخيصُ الـمشكلة صحيحًا والـمعالجةُ مناسبة، غير أنَّ بعضَها يدلُّ على مشكلة مهمَّة يجب معالجتها على الفور.
يمكن أن تُصيبَ اضطراباتُ النَّظم جميعَ الفئات العمرية، ولكنَّ الرجفانَ الأذيني أكثر شيوعًا فـي الـمسنِّين. كما أنَّ معاقرةَ الكحول وزيادة الوزن يزيدان من احتمال الإصابة بالرجفان الأذيني.
قد يكون الشخصُ فـي خطرٍ من الإصابة باضطراب النظم إذا كان نسيجُ القلب لديه قد تضرَّر بسبب مرض ما، مثل النوبة القلبية أو فشل القلب.
يعدُّ الرَّجفانُ الأذينيّ سببًا شائعًا للسَّكتة؛ فالإصابةُ به تزيد من خطر التعرُّض للسَّكتة بمقدار خمسة أضعاف مقارنةً بالشخص الذي لديه نظمٌ قلبي طبيعي.
ليس من الـممكن دائمًا الوقايةُ من حدوث اضطراب النظم، مع أنَّ أسلوبَ الحياة الصحِّي قد يُنقِص خطرَ الإصابة بمشكلة قلبية.
تهدف الـمعالجةُ إلى الوقاية من النوبات أو العوارض الـمستقبليَّة؛ كما يمكن القيامُ بتغييراتٍ على أسلوب الحياة لتجنُّب بعض مُحرَّضات مشاكل النظم القلبي.
النِّظام الكهربائي فـي القلب
يجري ضبطُ نظم القلب من خلال الإشارات الكهربائية؛ فاضطرابُ النظم هو شذوذٌ فـي كهربيّة القلب، ممّا يؤدّي إلى أن تكونَ ضرباتُه بطيئةً جدًّا أو سريعة جدًّا أو غيرَ منتظمة. وتتراوح هذه الشذوذاتُ بين الانزعاج البسيط وحتَّى الـمشكلة الشديدة التي قد تكون مميتة.
أنواعُ اضطراب النَّظم القلبي
تشتمل الأنواعُ الرئيسيَّة لاضطراب النَّظم القلبي على ما يلي:
- الرَّجفان الأذيني atrial fibrillation (AF). وهو أكثر اضطرابات النَّظم القلبي شيوعًا، حيث ينبض القلبُ بشكلٍ غير منتظَم وبسرعةٍ تزيد على الحدِّ الطبيعي (يُقال له عدم انتظام غير منتظم).
- تسرُّع القلب فوق البطيني supraventricular tachycardia. نوباتٌ من تسرُّع القلب بشكل غير طبيعي خلال الراحة.
- بطء القلب bradycardia. تكون ضرباتُ القلب أبطأَ من الطبيعي.
- إحصار القلب heart block. تكون ضرباتُ القلب أبطأَ من الطبيعي، وقد يؤدِّي ذلك إلى الوَهط collapse أو انخفاض ضغط الدم.
- الرَّجفان البطيني ventricular fibrillation. نظمٌ سريع نادر وغير منتظَم فـي ضربات القلب، يؤدِّي بسرعة إلى فقدان الوعي والـموت المفاجئ إذا لم يُعالَج على الفور.
أسباب اضطراب النظم القلبي
تحدث أنواعٌ معيَّنة من اضطراب النظم فـي الـمصابين بحالاتٍ قلبية شديدة، ويمكن أن تؤدِّي إلى الـموت القلبي الـمفاجئ sudden cardiac death.
تشتمل الـمحرِّضاتُ الشائعة لاضطراب النظم على:
- الأمراض الفيروسية.
- الكحول والتبغ (النِّيكوتين) والكافيين.
- التغيُّرات الـمفاجئة فـي وضعيَّة الجسم (سبب بسيط وغير خطير).
- الجهد البدنـي الـمفرط.
- الـمشروبات الـمحتوية على بعض الأدوية الترفيهية الـمحظورة والـمصروفة من دون وصفة طبِّية.
- أدوية القلب وارتفاع الضغط.
- بعض الأدوية العصبية.
- بعض الأدوية النفسية.
أعراضُ اضطراب النظم القلبي
تشتملُ هذه الأعراضُ على:
- الخفقان palpitations.
- الدوخة والغَشي والإغماء.
- ضيق النَّفَس.
- الشعور بسقوط أو إفلات بعض الضربات القلبية (ضربات فائتة).
- بطء القلب.
- ألم الصدر.
- التعرُّق.
- الشُّحوب.
لا تعني هذه الأعراض دائمًا أنَّ هناك مشكلةً فـي نظم القلب، فقد تنجم عن أسباب أخرى.
تشخيصُ اضطرابات النظم القلبي
عندما تستمرّ الأعراضُ أو يكون هناك تاريخٌ لـموتٍ قلبي مفاجئ فـي العائلة، لابدَّ من إحالة الـمريض إلى طبيب القلب الـمختصّ.
أفضلُ طريقةٍ لتشخيص اضطراب النظم هي التسجيلُ الكهربائيّ لنظم القلب أو ما يُسمَّى مخطَّط كهربائية القلب electrocardiogram (ECG)؛ فإذا لم تظهر مشكلةٌ فـي هذا الـمخطَّط، فقد يحتاج الأمرُ إلى الـمزيد من الـمراقبة. ويمكن أن يشتملَ ذلك على ارتداء جهاز أو أداة صغيرة نقَّالة لتسجيل مخطَّط كهربائية القلب على مدى 24 ساعة أو أكثر، وهو ما يُسمَّى مِرقاب هولتر Holter monitor أو الـمراقبة القلبية التخطيطيَّة النقَّالة ambulatory ECG monitoring.
إذا لوحظ أنَّ الأعراضَ تُثار بالجهد، يمكن اللجوءُ إلى تخطيط كهربائيَّة القلب الجهدي exercise ECG لتسجيل النظم القلبي خلال وجود الشخص على البساط أو السير الـمتحرِّك أو درّاجة التمرين. ولابدَّ من الاحتفاظ بنسخةٍ عن نتائج الاختبار.
هناك اختباراتٌ أخرى تُستعمَل فـي تشخيص اضطرابات النظم، وتشتمل على:
- مسجِّل الحوادث القلبيَّة cardiac event recorder. جهازٌ لتسجيل الأعراض خلال مدّة زمنية معيَّنة.
- الدراسة الفيزيولوجيَّة الكهربائيَّة electrophysiological (EP) study. اختبار لتحديد موضع الـمشاكل الـمرتبطة بالإشارات الكهربائيَّة فـي القلب، وذلك من خلال إدخال أسلاكٍ ليِّنة عبر أحد الأوردة فـي الطرف السفلي باتجاه القلب، حيث يكون الـمريضُ تحت التهدئة الدوائية.
- تخطيط صدى القلب (الأشعَّة التلفزيونيَّة) echocardiogram (echo) (صورة للقلب بالأمواج فوق الصوتيَّة).
معالجة اضطرابات النَّظم
تعتمد طريقةُ معالجة اضطراب النظم على كونه سريعًا أو بطيئًا أو من نوع إحصار القلب. كما أنَّه لابدَّ من معالجة أيّ أسباب كامنة وراءَ اضطراب النظم، مثل فشل القلب.
تشتمل الـمعالجاتُ الـمستعمَلة فـي تدبير اضطرابات النظم على:
- الأدوية، لإيقاف اضطراب النظم أو الوقاية منه، أو للسيطرة على سرعته.
- قلب النظم cardioversion. معالجةٌ تقوم على استعمال الكهرباء لتطبيق صدمة على القلب بهدف إعادته إلى النَّظم الطبيعي، بعد تخدير الـمريض أو تهدئته.
- الاجتثاث بالقثطار catheter ablation. معالجةٌ تنظيرية تحت التخدير الـموضعيّ أو العام تهدف إلى تخريبٍ دقيق للنسيج القلبي الـمريض الذي يسبِّب اضطرابَ النظم.
- النَّاظِمة pacemaker. أداةٌ صغيرة تحتوي على بطَّارية خاصَّة تُزرَع فـي الصدر تحت التخدير الـموضعي؛ وهي تعطي إشاراتٍ كهربائيةً للقيام بعمل الناظمة الطبيعية فـي القلب، وذلك للمساعدة على إعادة النظم الطبيعي للقلب.
- مزيل الرجفان الـمزروع القالب للنظم ICD. جهازٌ أو أداة مماثلة للناظمة، تراقب نظمَ القلب، وتصدمه لإعادته إلى النظم الطبيعي عندَ الضرورة.
الـمحافظة على السلامة لدى الـمصابين باضطراب النظم
إذا كان الشخصُ مصابًا باضطراب فـي نظم القلب يؤثِّر فـي القيادة، فلابدَّ من إخبار الجهة التي تمنح رُخَص السواقة بذلك. وإذا كان الـمريضُ يعمل فـي أماكن مرتفعة أو مع الآلات التي قد تكون خطرة عليه، فلابدَّ من التوقُّف عن ها العمل إلى حين تشخيص اضطراب النظم أو معالجة الحالة الكامنة وراءَه على الأقلّ. ويمكن استشارةُ الطبيب فـي ذلك.
الـمآل
تعتمد العواقبُ على عدَّة عوامل:
- نوع اضطراب النظم (فبعضُ اضطرابات النظم يمكن أن تكونَ خطرةً على الحياة إذا لم تُعالج على الفور أو لم تستجب جيِّدًا للمعالجة).
- وجود مرض الشرايين التاجية أو فشل القلب أو مرض قلبي صِمامي