ترميمُ أو إعادة بناء الرِّباط التصالبي الأمامي للركبة ACL reconstruction هو جراحةٌ لإعادة تشكيل أو بناء الرباط في وسط الركبة، حيث يحافظ الرباطُ التصالبي الأمامي على استقرار أو ثبات عظم الساق (الظنبوب tibia) في موضعه. وقد يؤدِّي تمزُّقُ هذا الرباط إلى خروج الركبة من مكانها في أثناء ممارسة النشاط البدني.
يُستَعمل التخديرُ العام في الجراحة عند معظم الأشخاص. كما يمكن استعمالُ أنواعٍ أخرى من التخدير، كالتخدير النَّاحي regional anesthesia، عند إجراء هذه الجراحة.
يكون مصدرُ الأنسجة التي سوف تحلَّ محلَّ الرباط التصالبي المتضرِّر من جسم الشخص نفسه أو من متبرِّع.
يُؤدَّى هذا الإجراءُ بمساعدة تنظير مفصل الركبة knee arthroscopy عادةً؛ فعندَ إجراء تنظير المفصل، تُدخَلُ كاميرا صغيرة إلى الركبة من خلال شقٍّ جراحيٍّ صغير. وتكون هذه الكاميرا متصلةً بجهاز فيديو في غرفة العمليَّات، حيث يَستعمل الجرَّاح هذه الكاميرا لفحص الأربطة وأنسجة الركبة الأخرى.
يقوم الجرَّاحُ بشقِّ جروحٍ صغيرة حولَ الركبة، ويُدخِلُ عبرها أدواتٍ طبيَّةً أخرى. ويقوم الجرَّاحُ بإصلاح أيِّ ضررٍ آخرَ يجده، ثمَّ يقوم باستبدال الرباط التصالبي الأمامي باتباعه الخطوات التالية:
عندَ انتهاء العملية الجراحية، يقوم الطبيب بإغلاق الجروح بواسطة الغُرَز، ويغطِّي المنطقة بالضماد.
إذا لم يُرمّم الرباطُ التصالبي الأمامي للركبة، فقد يستمرُّ عدمُ استقرار الركبة، ممَّا يزيد من فرص حدوث تمزُّق في الهلالة المفصلية meniscus. ويمكن اللجوءُ إلى إجراء هذا الترميم لتدبير مشكلات الركبة التالية:
ينبغي أن يستفسرَ الشخصُ من طبيبه قبلَ إجراء الجراحة عن الوقت والجهد الذي سوف يُبذلان للتعافي من الحالة. وسوف يكون من الضروري اتباعُ برنامجٍ لإعادة التأهيل تتراوح مدَّته بين 4-6 أشهر. وتعتمد قدرةُ الشخص على العودة إلى ممارسة كامل نشاطه على مدى التزامه بتطبيق برنامج التأهيل.
تنطوي مخاطرُ استعمال أيّ نوعٍ من أنواع التخدير على:
بينما تكون مخاطرُ الخضوع لأيِّ عملية جراحية هي:
وقد تنطوي هذه الجراحةُ على حدوث مخاطر أخرى مثل:
يجب أن يُعلمَ الشخصُ طبيبَه عن الأدوية التي يستعملها عادةً، حتى وإن كانت مُكمِّلاتٍ أو أعشاباً يمكن الحصولُ عليها دون وصفةٍ طبية.
وينبغي خلال الأسبوعين السابقين لإجراء الجراحة الانتباه لما يلي:
أمَّا ما يتوجَّب القيام به يومَ إجراء العملية الجراحية فهو التالي:
يستطيع معظمُ الأشخاص العودةَ إلى منازلهم يوم إجراء العملية الجراحية. وقد يحتاج الشخصُ إلى استعمال دعامة للركبة خلال الأسابيع 1-4 الأولى. كما قد تكون هناك ضرورةٌ إلى استعمال العكازات خلال هذه الفترة. ويُسمَح لمعظم الأشخاص بتحريك ركبتهم بعدَ إجراء الجراحة مباشرةً، حيث إنَّ ذلك قد يُساعدُ على منع تيبُّسها. وقد يحتاج الشخصُ إلى استعمال أدويةٍ لتخفيف الألم.
يمكن أن تساعدَ المعالجةُ الفيزيائية كثيراً العديدَ من الأشخاص على استعادة الحركة والقوة في ركبتهم. وقد تستمرَّ المعالجةُ ما بين 4-6 أشهر.
تختلف سرعةُ العودة إلى العمل باختلاف نوع العمل الذي يقوم به الشخص، حيث قد تتراوح بين بضعة أيام إلى بضعة أشهر. بينما تستغرق العودةُ الكاملة إلى ممارسة النشاطات والرياضات ما بين 4-6 أشهر غالباً.
تصبح ركبةُ معظم الأشخاص مستقرَّةً ولن تخرجَ من مكانها مجدَّداً بعدَ ترميم الرباط التصالبي الأمامي. وقد أدَّى تحسُّن الأساليب الجراحيَّة وإعادة التأهيل إلى ما يلي:
آلامُ النُّمو growing pains هي أوجاعٌ شائعة تحدث لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارُهم بين 3-12 سنة في أسفل الساقين، في فترة المساء أو الليل. ورغم أنَّ هذه الآلامَ قد تُسبِّب الإزعاجَ للطفل، إلاَّ أنَّها لا تسبِّب ضرراً على المدى الطويل.
ورغم تسميتها بهذا الاسم، إلاَّ أنَّه لا يوجد دليلٌ واضحٌ يُشير إلى أنَّ آلامَ النَّمو ناجمةٌ عن طفرات النمو (أو قفزات النمو) growth spurts. وهذا هو سببُ تفضيل بعض الأطبَّاء استعمال مصطلح " ألم الأطراف الليلي المُعاود عند الأطفال recurrent nocturnal limb pain in children".
تتظاهر آلامُ النموِّ بشكل تقلُّصات عضليَّة شديدة في كلتا الساقين، وخاصة في الربلتين calves (بطّة الساق: الجزء العضلي الخلفي من الساق) وعظمي الظنبوب shins (الجزء الأمامي من الساق) أو الكاحلين، ولكن قد تصيب هذه الآلامُ الفخذين أيضاً.
يشعر الطفلُ بهذه الآلام مساءً أو ليلاً (وغالباً في الأيَّام التي يبذل فيها جهوداً غير معتادة)، ولكن من المفترَض ألاَّ يستمرَّ الشعورُ بهذه الآلام حتى الصباح.
من المفترَض ألاَّ تتأثَّر قدرةُ الطفل على المشي رغم شعوره بآلام النُّمو، وينبغي ألاَّ تكون هناك علاماتٌ لحدوث إصابة جسديَّة أو عَرجٍ أو عدوى.
إذا كانت الأعراضُ الظاهرة على الطفل مختلفةً عن الأعراض المذكورة سابقاً، كما لو أنَّ ساقاً واحدة أُصيبَت بالألم فقط، أو أخذ الطفلُ يعرج في مِشيته، فمن غير المُحتمَل أن تكونَ هذه الآلامُ هي آلام نمو. وينبغي في مثل هذه الحالات اصطحابُ الطفل لمراجعة الطبيب.
سببُ الشعور بآلام النُّموِّ غير معروف، إلا أنَّها تكون أكثرَ شيوعاً عند الأطفال المُفعمين بالحيويَّة والأطفال الذين تكون مفاصلُهم رخوة ومرنة (فرط حركة المفصل Joint hypermobility). كما تميل هذه الحالةُ إلى أن تكونَ مُتوارَثة عندَ بعض العوائل.
لا يوجد دليلٌ واضحٌ يشير إلى أنَّ هذه الآلامَ ناجمةٌ عن طفرات النَّمو أو الإصابة بأيَّة حالات مرضية.
يمكن علاجُ ألام النموِّ في المنزل عادةً، وذلك باستخدام الباراسيتامول أو الإيبوبروفين. ويُنصَح بإعطاء هذه المسكِّنات بشكلٍ وقائي قبلَ الذهاب للنوم في حال أمضى الطفلُ يوماً حافلاً بالنشاط، فقد تساعده على الحفاظ على نومه وعدم الاستيقاظ بسبب الألم.
وبالمناسبة، ينبغي عدمُ استعمال الأسبرين عند الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارُهم ستة عشرَ عاماً، ما لم يُوصِ الطبيبُ بخلاف ذلك.
كما يمكن تدليكُ عضلات ساق الطفل بقوَّة أيضاً، أو تدفئة ساقيه باستعمال الكمَّادات الساخنة.
قد يُساعد استعمالُ الأحذية الدَّاعمة، مثل الأحذية الرياضيَّة، على الوقاية من آلام النَّمو. ولكن، يجب الحرصُ على إحكام ربطِ أربطة الحذاء.
يجب مراجعةُ الطبيب إذا كانت الأعراضُ التي يُعاني منها الطفل شديدةً، أو إذا قدَّمت دليلاً على وجود إصابة بحالةٍ أخرى، مثل:
سيقوم الطبيبُ بدراسة الحالة واستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى، مثل التهاب المفاصل، وعوز فيتامين د (الكُساح أو الرَّخَد rickets) أو حتَّى سرطان الدم إن كان الطفل متوعِّكاً، وقد يقوم بتحويل الطفل إلى المستشفى ليحصلَ على مزيدٍ من التقييم.
يقوم بعضُ الأطبَّاء بالاستقصاء عن وجود رابطٍ بين الشعور بآلام النَّمو ومتلازمة تململ الساقين restless legs syndrome (RLS). وهذه حالةٌ تُصيبُ الجهازَ العصبي، حيث تُسبِّبُ الشعورَ برغبةٍ عارمةٍ في تحريك الساقين مع شعورٍ بالانزعاج فيهما، وهو ما يتحسّن أو يزول بتحريك الساقين.
ومن غير المعروف حاليَّاً ما إذا كانت آلامُ النمو هي الشكل المبكِّر من الإصابة بمتلازمة تململ الساقين، أو ما إذا كانتا حالتين مُنفصلتين كليَّاً.
التِهابُ الجراب bursitis هُو التِهابٌ وتورُّمٌ يُصِيبُ الجراب bursa، أي الكيس المليء بالسائل والذي يتشكَّل تحت الجلد وفوق المفاصل عادةً، ويعمل مثل وسادة بين أوتارِ العضلات والعِظام.
يُمكن أن يُصيبَ الالتِهابُ أيّ جراب، ولكن تحدُث مُعظمُ حالات التِهاب الجراب في الأجزاء التالية من البدَن:
تشتمل الأجزاءُ الأخرى من البدن، والتي يُمكن أن تُصاب بهذه الحالة، على الكاحِل والقدَم ووتر أخيل (العرقُوب Achilles tendon).
يُسبِّبُ التِهابُ الجراب ألماً والتِهاباً وإيلاماً (ألم عند الضغط tenderness) في المنطقة المُصابة من جسم الإنسان.
تختلِف شدَّةُ التِهاب الجراب من حالةٍ إلى أخرى، حيث يُمكن أن يُسبِّب تورُّماً وتيبُّساً، وقد تُصبِح المنطقة المُصابة ساخِنةً وذات لونٍ أحمر.
يشعر الشخصُ المُصاب بالتِهاب الجراب بألمٍ مُمضٍّ dull ache يتفاقم مع الحركة أو الضغط، حيث يحسّ الشخص بالألم عندما يأتي وزنُ بدنه على المنطقة المُصابة؛ فمثلاً يصعُب الاستلقاء على الورك إن كان هناك التِهاب للجراب في الورك.
يحدُث التِهابُ الجراب الإنتانيّ بسبب عدوى، ومن المُحتَمل أن يُؤدِّي هذا إلى أعراضٍ إضافيَّةٍ مثل:
تجِبُ استِشارةُ الطبيب إذا ظهرت أعراض لالتِهاب الجراب مع حُمَّى، فمن المُحتَمل أنَّ هناك عدوى؛ وإذا لم تتحسَّن الأعراض بعد أسبوعين، تجب استِشارة الطبيب أيضاً.
هُناك 3 أسباب رئيسيَّة لالتِهاب الجراب، وهي إصابة في الجسم أو عدوى أو نتيجة لمشكلة صحيَّة موجودة مُسبقاً.
الإصابة
إذا تعرَّض الجرابُ إلى إصابةٍ، يُمكن أن يتهيَّج النسيج في داخِله، ويُؤدِّي إلى الالتِهاب أو التورُّم.
وفي مُعظم الحالات، تتفاقم الإصابةُ مع مرور الوقت، لأنَّ المفاصل والعضلات والأوتار قُربَ الجراب تُستخدم بشكلٍ مُفرِط، ممَّا يجعل الحركةَ المُتكرِّرة من عوامِل خطر هذا النَّوع من الإصابة.
رفع أشياء إلى مُستوى الرَّأس، ممَّا يُسبِّب الضررَ للكتِفين.
الانحِناء المُتكرِّر ومدّ الذِّراع لفتراتٍ طويلة بحيث يُصبِح المرفق مشدوداً، أو السقوط على المرِفق.
تحرِيك الرُّكبة بشكلٍ مُتكرِّرٍ أو الجُلوس في وضعيَّة القرفصاء.
المشي لفتراتٍ طويلة خصوصاً عند عدم ارتِداء حِذاء مُناسِب، أو مُمارسة بعض النشاطات التي تُسبِّب الضرر للكاحِل.
الجري، فهو قد يُسبِّب الضرر للوركين.
الاتِّكاء على المِرفق أو الركبة فوق سُطوح صلبة.
كما يُمكن أن يتعرَّضَ الجرابُ إلى الإصابة أيضاً عندَ اصطدام المرفق بعنف بأشياء أو سُقوط البدن على الرُّكبة.
يُمكن أن يُصابَ الجرابُ القريب من سطح الجلد بالعدوى، مثل الجراب قُرب المِرفق، وذلك عندما تدخل البكتيريا إليه عبر الجروح، وتُسمَّى هذه العدوى بالتِهاب الجراب الإنتانيّ septic bursitis.
يعمل جِهازُ المناعة على الوِقاية من مثل هذا النوع من العدوى عادةً، ولذلك تميلُ هذه الحالةُ إلى أن تُصيب الأشخاص الذين يُعانون من ضعفٍ في جِهاز المناعة، مثل مرضى العوز المناعي المُكتسبAIDS عند الشخص، أو الذين يتناولون أدوِيةً مُعيَّنةً مثل الستيرويدات القشريَّة corticosteroids أو العلاج الكيميائيّ. كما يُمكن أن يزيدَ الإدمان على الكُحول ومرض السكَّري وبعض مشاكِل الكلى من خطر هذه الحالة أيضاً.
النقرس والنقرس الكاذب gout and pseudogout، وهي مشكلة يُسبِّبها تراكُم حمض البول أو اليُوريك في الدَّم.
التِهاب المفاصل الرُّوماتويديّ rheumatoid arthritis، حيث يُهاجِمُ جِهازُ المناعة بِطانةَ المفاصِل.
تصلُّب الجلد scleroderma.
التِهاب الفقار اللاصِق ankylosing spondylitis، وهو نوعٌ من التِهاب المفاصل يستمر لفترةٍ طويلة ويُصيب أجزاءً من العمود الفقريّ.
الذِّئبة الحماميَّة الجِّهازِيَّة systemic lupus erythematosus، وهي مُشكلةٌ لا تُوجد معلوماتٌ كافية حولها، وتُصيبُ العديدَ من نُسج وأعضاء البدن.
الوزن الزائد للجسم.
يستطيع الطبيبُ تشخيصَ الإصابة بالتِهاب الجراب من خلال تفحُّص الجزء المُصاب والسؤال حولَ الأعراض.
ربَّما يطلب الطبيبُ معلوماتٍ حول ما إذا تعرَّض الشخص إلى السقُوط على مفصل، أو كانت طبيعة عمل الشخص تتطلَّب استخدامَ المنطقة المُصابة من البدن بشكلٍ مُتكرِّرٍ.
إذا وصلت حرارةُ جسم الشخص إلى 38 درجة مئويَّة أو أكثر، قد يأخذ الطبيب عيَّنةً صغيرةً من السائل من الجراب المُصاب، وذلك باستخدام إبرة (الشَّفط أو الرَّشف aspiration)، ثُمَّ يُرسِل العيِّنةَ إلى المُختبر للتحرِّي عن البكتيريا التي تُشيرُ إلى عدوى بكتيريَّة، أي التِهاب الجراب الإنتانيّ. كما قد يجري تفحُّصُ العيَّنة أيضاً للتحرِّي عن البلُّورات crystals التي يُمكن أن تظهرَ بسبب حالاتٍ أخرى مثل النقرس.
بعدَ الانتِهاء من شفط أو تفريغ السائل، يضع الطبيبُ ضماداً فوق الجلد، وقد يحتاج المريضُ إلى تجنُّب النَّشاطات الشديدة خلال اليومين التاليين.
قد يحتاج تشخيصُ التِهاب الجراب إلى اختِباراتٍ إضافيَّةٍ إذا لم تستجِب الأعراضُ للمُعالجة، حيث من المُحتَمل أن تكون حالة أخرى هي السبب في تلك الأعراض.
قد تنطوي الاختباراتُ الإضافيَّة على:
يُمكِنُ عِلاجُ مُعظم حالات التِهاب الجراب في المنزل من خلال عدَّة طُرق للعناية الشخصيَّة، واستِخدام المُسكِّنات التي تُباع بِدون وصفةٍ طبيةٍ.
يتحسَّن الألمُ خلال أسابيع قليلة عادةً، ولكن قد يحتاج التورُّم إلى فترةٍ أطول حتى يتلاشى بشكلٍ كامِلٍ، وقد تعتمِد فترة الشِّفاء على موضع التِهاب الجراب وما إذا كان سببه عدوى (التِهاب الجراب الإنتانيّ).
هناك عدَّةُ أشياء يستطيع الشخص فعلها للتقليل من التورُّم في المفصل المُصاب، مثل إراحة المفصل إلى أن تتحسَّنَ الأعراض وتجنُّب النَّشاطات الشديدة التي قد تُسبِّبُ ألماً إضافيَّاً، مثل الجري.
قد يُساعِد وضعُ حشوة أو بطانة على وِقاية المفصل من تعرُّضه إلى المزيد من الإصابة، فمثلاً ربَّما تنفع حشوات الرُّكبة إذا كان التِهاب الجراب في مفصل الرُّكبة.
كما يُمكن استخدامُ أكياس الثلج لمدَّةٍ تتراوح بين 10 إلى 20 دقيقةً للتقليلِ من الالتِهاب والألم أيضاً.
في أثناء النَّوم، من الأفضل تجنُّب الاستلقاء على الجانب الذي فيه موضع التِهاب الجراب، وقد يُساعِد رفع هذا الجزء من البدن إلى فوق مستوى القلب إن أمكن على التقليلِ من الالتِهاب، مثل وضع وسادة تحت الكاحِل.
في حال كان التِهابُ الجراب في الرُّكبة أو الكاحِل أو الورك، فمن الأفضل تجنُّب الوقوف لفتراتٍ طويلةٍ، ويُمكن الوقوف على سُطوحٍ ليَّنةٍ لهذه الغاية، أو وضع وِسادة بين الركبتين عند الاستلقاء على جانب البدن. يُمكن للوزن الزائد أن يُسبِّب التِهابَ الجراب، ولذلك قد يُساعِد إنقاص الوزن على التقليل من خطر الحالة.
تُساعِد المُسكِّناتُ مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين على تخفيفِ الألم، كما يُمكن استِخدامُ الإيبوبروفين أو غيره من مُضادَّات الالتِهاب غير الستيرويديَّة non-steroidal anti-inflammatory drugsأيضاً، مثل نابروكسين naproxen أو ديكلوفيناك diclofenac للتقليلِ من التورُّم.
إذا كان السببُ في التورُّم التِهاب جراب شديد، قد يحتاج الأمر إلى تفريغ السائل عن طريق ما يُسمَّى الشفط، فهو يُساعِد على تخفيف الألم وتحسُّن القُدرة على الحركة في المفصل المُصاب؛ ويجري هذا من خلال استخدام إبرة تسحب السائل من داخِل الجراب.
إذا كانت أعراضُ التِهاب الجراب شديدة أو لا تستجيب إلى المُعالجة، يُمكن استخدامُ حُقن الستيرويدات القشريَّة، وهي حُقن تحتوي على الستيرويدات التي تُعدّ من أنواع الهرمونات ويُمكن استخدامُها للتقليل من الالتِهاب.
تُحقَن الستيرويدات القشريَّة مُباشرةً في المنطقة المُصابة، وتنطوي التأثيرات الجانبيَّة المُحتَملة على ضُمور النسيج المُحيط بها وتغيُّر لون الجلد حول مكان الحُقنة.
لا يُمكن استِخدامُ حُقن الستيرويدات القشريَّة إذا كانت الحالة هي التِهاب الجراب الإنتانيّ، ولا يُمكن استخدامُ أكثر من 3 حُقن في العام في نفس المنطقة المُصابة.
إذا بيَّنت الاختباراتُ أنَّ الحالةَ هي التِهاب الجراب الإنتانيّ، سيصِف الطبيبُ مُضادَّات حيويَّة مثل:
تُستخدَم هذه المُضادَّاتُ الحيويَّة التي تأتي على شكل أقراص أو كبسولات لمرَّتين أو 4 مرَّات في اليوم ولسبعة أيَّام، ثمَّ يتفحَّص الطبيبُ استِجابة البدن للدواء؛ وفي حال استمرَّت علامات العدوى، قد يحتاج الأمرُ إلى تناوُل مُضادَّات حيويَّة لسبعة أيَّام أخرى.
من المهم إكمال شوط المُعالجة بالمُضادَّات الحيويَّة حتى إن تحسَّنت الأعراض، فهذا يُساعِد على الوِقايةِ من عودة العدوى.
إذا لم تتحسَّن الأعراضُ بعدَ المُعالجة لشهرين، قد يُحِيل الطبيب المريضَ إلى المُستشفى لفحصه الاختصاصيّ، مثل:
اختصاصيّ الروماتيزم،وهو اختصاصيٌّ في الحالات التي تُصِيبُ العِظام والعضلات والمفاصل.
جرَّاح العِظام،وهو اختصاصيٌّ في المُعالجة الجراحيَّة للحالات التي تُصِيبُ العِظام والعضلات والمفاصل.
قد يحتاج الأمرُ في بعض الحالات إلى الجراحة لاستئصال الجراب، خصوصاً عندما لا يستجيب التِهابُ الجراب الإنتانيّ للمُضادَّات الحيويَّة.
تنطوي الجراحةُ إمَّا على استِئصال الجراب بشكلٍ كامِلٍ، أو إحداث شقّ في الجلد وتفريغ السائِل من الجراب.
هناك عددٌ من التدابير التي يُمكن اتِّباعها للوِقاية من الإصابة بالتِهاب الجراب.
إذا كانت طبيعة العمل تتطلَّب الكثير من الانحِناء على الرُّكبتين، مثل العِناية بالسجَّاد، سيُساعِد استِخدام حشوات أو وسادات الركبة على وِقايتها؛ وإذا كان الشخص يجري أو يمشي بشكلٍ مُنتظَم، يجب عليه ارتِداء حذاء يُناسِب قدميه بشكلٍ جيِّدٍ، أو استِشارة اختصاصيّ الأقدام.
يجب الحُصولُ على فترات استراحة في أثناء تأدية المهمَّات التي تتطلَّب حركات مُتكرِّرة، وذلك للتقليل من الجهد الذي تتعرَّض مناطِق مُعيَّنة من البدن، كما يُمكن أيضاً تنويعُ نماذِج النشاط البدنيّ من خلال مُمارسة تمارين أو نشاطات مُختلِفة لا تنطوي على استِخدام نفس الجزء من البدن.
من الأفضل إحماء العضلات لستّ دقائِق على الأقلّ قبل مُمارسة التمارين، مع القيام ببعض التمارين الهوائيَّة الخفيفة، مثل المشي أو الجري السهل قبل الانتِقال إلى تمارين أكثر شدَّة.
إذا كانت هناك حالةٌ سابِقة لالتِهاب الجراب في واحِدٍ من المفاصِل، ستُساعِد تقوية العضلات حوله على الوِقاية من المزيد من الإصابة، ولكن يجب القيامُ بهذا بعد زوال الأعراض بشكلٍ كامِلٍ.
الشَّقيقة (الصداع النصفي) الفالجيَّة hemiplegic migraine أو الشَّقيقة الفالجية العائليّة familial hemiplegic migraine أو الشَّقيقة الفالجية الفُراديّة sporadic hemiplegic migraine هي شكلٌ نادرٌ من الشَّقيقة، يحدث فيها ضعف فـي جانبٍ أو شقّ واحد من الجسم (فالج hemiplegia) مع صداع وأعراض أخرى، وغالبًا ما تكون مشابهةً لـما يحدث فـي الشقيقة الـمألوفة. يكون الضعفُ أحدَ أشكال أورَة aura الشَّقيقة، ويحدث مع علامات أخرى نموذجية لأورة الشقيقة، مثل تغيُّرات الرؤية أو النُّطق أو الإحساس. والأورة هي الأعراض العصبية الإضافية التي تحدث مع الشَّقيقة أو قبلها بقليل فـي بعض الأحيان، وتكون بشكل أحاسيس غريبة (بصرية أو شمّية أو حسّية أو حركيّة ... إلخ)، كشمّ رائحة العشب الـمقصوص.
هناك نمطان للشَّقيقة الفالجية، النوع العائلي familial، أي الذي يسري بين العائلات، والنوع الفُرادي sporadic، أي الذي يحدث عند مريضٍ واحد فقط ومن دون تاريخ عائلي.
معدّل وقوع الشقيقة الفالجية وانتشارها
يصل عدد مرضى الشقيقة إلى مليار فـي مختلف أنحاء العالم (بنسبة 15-20 فـي الـمائة من الناس)، بينما تحدث الشقيقة الفالجية عند نسبة 0.01 فـي الـمائة من تلك الحالات، وتكون النساء أكثر ميلًا بثلاث مرّات للإصابة بالحالة مُقارنة بالرجال. يتراوَح مُتوسِّط العمر عند بدء الحالة بين 12 إلى 17 عامًا.
الـمُحرِّضات الشائعة للشقيقة الفالجية
هناك مُحرِّضات متنوّعة للشقيقة الفالجية، ولكن لا يمكن التعرّف إلى سبب النوبة دائمًا. تنطوي الـمحرّضات الشائعة على أطعمة أو روائح مُعيَّنة، أو أضواء أو حالات الشدَّة أو اضطرابات النوم أو النشاط البدنـي ورضوض الرأس. يستفيد الـمرضى من تدبير الـمحرّضات، ولكن يبقى من الـمهمّ معرفة أنَّ بعض النوبات تحدُث بشكلٍ عشوائي؛ وينبغي للمريض أخذ قسط من الراحة إذا تعرّض إلى نوبات غير مُتوقَّعة.
الأعراض
يبدأ كلا النمطين من الشقيقة الفالجية فـي الطفولة غالبًا، ويمكن أن تستمرّ الأعراض لساعاتٍ وأيَّام، أو حتَّى أسابيع فـي حالاتٍ نادرة (يمكن أن تستمرّ 4 أسابيع)، ولكن يزول معظمها بشكلٍ كامل.
تنطوي الأعراض الأوّلية على الآتـي:
- ضعف فـي جانبٍ واحد من الجسم. ويمكن أن تختلف درجةُ الضعف من خفيفة إلى شديدة. وقد يصيب الشلل النصفي أو الفالج جزءًا فقط فـي جهة واحدة من الجسم، مثل اليد، أو يصيب اليدين والذراعين فقط أو الوجه. وقد يحدث الضعف فـي جهة كاملة من الجسم. ويعدّ الشلل النصفي أحدَ أعراض الأورة الـمميّزة لهذه الاضطراب.
- صداع.
- أعراض نموذجية أخرى للأورة، مثل تغيُّرات الرؤية والخدَر والوخز وصعوبة الكلام. تتأثّر الرؤية مؤقّتًا عادة، ويمكن أن تشتمل الأعراض على ظهور مفاجئ لضوء ساطع فـي وسط حقل الرؤية، ممّا يتسبّب فـي ظهور بقع عمياء (عُتْمَة وامِضَة scintillating scotoma) ورؤية مزدوجة (شفع) وأضواء ساطعة (تَرَائِي الوَمَضَات photopsia) وخطوط متعرّجة ساطعة ومتلألئة (أطياف معزّزة fortification spectra). كما يمكن أن تشتمل الأعراض البصرية على رؤية ضبابية أو فقدان الرؤية فـي نصف الـمجال البصري.
وقد يُعانـي الـمريض الـمشاكلَ الآتية أيضًا:
- حُمَّى.
- خدر أو إحساس وخزي فـي الوجه أو الذراعين والساقين (تنمّل).
- تغيُّرات فـي الوعي، وذلك من التخليط الذهني إلى الغيبوبة العميقة.
- مشاكل فـي التناسُق.
- غثيان أو تقيُّؤ.
- زيادة فـي الحساسية للصوت والضوء.
نظرًا إلى أنَّ أعراض الشقيقة الفالجيَّة تشبه أعراضَ السَّكتة أو الاختلاجات أو حالات أخرى عصبية من الـمحتَمل أن تكون خطيرة، فمن الـمهمّ استشارة الطبيب للحصول على تشخيصٍ واضح. عندَ مراجعة الطبيب، سيسأل عن التاريخ الطبِّي ويخضع الشخص إلى فحص عصبي كامل؛ كما قد يطلب فحوصات تصويرية لـمُعاينة الدماغ والأوعية الدموية فـي الرأس أيضًا. تُعدُّ هذه الخطوات ضرورية من أجل استبعاد أسباب أخرى للحالة ولتأكيد التشخيص. وبما أنَّ الشقيقة الفالجية تسري بين العائلات غالبًا، فمن الـمُحتَمل أن يسأل الطبيبُ الـمريض عن التاريخ الطبّي لعائلته، لاسيّما وجود أي تاريخ للصداع أو الشقيقة.
التشخيص
تُشبه أعراض الشقيقة الفالجية أعراضَ حالات طبّية شديدة أخرى مثل السَّكتة والصَّرَع، ولذلك يُعدُّ التشخيص الصحيح لهذا الشكل من الشقيقة مهمًّا جدًّا من أجل الحُصول على الرعاية والـمعالجة المناسِبَتين. ولاستبعاد الأسباب الأخرى، يحتاج مرضى هذه الحالة إلى دراسات تصويرية واختباراتٍ إضافيَّة.
يعتمد تشخيصُ الشقيقة الفالجية على تحديد الأعراض الـمميّزة وتاريخ الـمريض التفصيلي والتقييم السريري الشامل ومجموعة مختلفة من الاختبارات الـمتخصّصة.
وبشكلٍ عام، يجب أن يعانـي الـمصابون من نوبتين من الشقيقة مصحوبةً بأورة ذات علامات أو أعراض محدّدة. وبحسب التعريف، يجب أن يكونَ هناك ضعف عضلي عكوس تمامًا على جانب واحد من الجسم (شلل نصفي)، مع نوع واحد آخر على الأقلّ من أعراض الأورة (البصرية أو الحسّية أو الكلامية ... إلخ) لوضع التشخيص. وبالنسبة للشكل العائلي، يجب أن يكون أحد أقارب الدرجة الأولى أو الثانية على الأقلّ مصابًا بالاضطراب.
الـمُعالَجة
عندَ وضع التشخيص، من الـمهمّ التحدّث مع الطبيب عن تدبير الحالة، فالشقيقة الفالجية نادرةٌ جدًا، ولذلك قد يُحال الـمريض إلى طبيب اختصاصي بالصُّداع أو طبيب لديه خبرة فـي مُعالَجة هذا النمط من الشقيقة. بعد ذلك، يستطيع الأطباءُ وضع خطة معالجة بالتعاون فيما بينهم بحيث تكون فعّالةً وتتناسب مع أسلوب حياة الـمريض وتحقّق أهدافها.
لا توجد بروتوكولات علاجية موحّدة أو إرشادات للأفراد الـمصابين. ولكن، قد يَصِفُ الطبيبُ معالجات قصيرة الـمفعُول، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويديّة أو أدوية للتقليل من الغثيان. ويمكن أن يساعد دواء الكيتامين ketamine داخل الأنف على التقليل من زمن الأورة. لا يصف الأطباءُ حاليًا أدوية من زمرة التريبتان triptan والإرغُوتامين ergotamines لـمعالجة الحالة، وذلك لأنَّها تُضيّق الأوعية الدموية وتزيدُ من خطر السَّكتة؛ ولكن يتوفّر حاليًا زمرة حديثة من أدوية تسمّى الديتانات detans، لا تُسبّب ما ذُكِر، وقد يصفها الأطباء.
يلجأ معظم الـمرضى والأطباء إلى معالجة وقائية لتدبير الشقيقة الفالجية، وذلك استنادًا إلى شدَّة الأعراض وبعض التفاعُلات الدوائية. ترتبط الشقيقة الفالجية بالشقيقة مع الأورة، ولذلك قد يكون من الـمفيد استخدام أدوية وقائية مُعيَّنة شائعة فـي معالجة الشقيقة النموذجية مع الأورة. يمكن أن تنطوي الـمعالجة الوقائية على أدوية تُؤخذ بشكلٍ يومي ومُكمّلات أو تغييرات فـي أسلوب الحياة، وذلك بعد استشارة الطبيب.
يمكن تجريب الأدوية الوقائية الـمعيارية الـمستخدمة فـي علاج الشقيقة الـمألوفة، وهي تشتمل على مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات وحاصرات بيتا وحاصرات قنوات الكالسيوم والأدوية الـمضادّة للصرع. وهناك دراسات صغيرة تبحث فـي الاستفادة من بعض العقاقير الأخرى، مثل الأسيتازولاميد والفيراباميل والفلوناريزين واللاموتريجين.
التِهابُ السَّحايا meningitis عدوى تصيبُ النَّسيجَ الواقِي الغِشائي الـمُحِيط بالدِّماغ والنّخاع الشوكيّ (أي السَّحايا meninges). يعدُّ التِهابُ السَّحايا الفيروسي أكثرَ أنماط التِهاب السَّحايا شيوعًا، يأتـي بعدَه التِهابُ السَّحايا الجرثومي الذي يكون أكثرَ خطورةً من سابقه.
قد يصبح التِهابُ السَّحايا خطيرًا جدًّا إذا لم يُعالَج بسرعة، حيث يمكن أن يُسبِّب تسمُّمًا فـي الدم يُهدِّد الحياة (إنتان الدم septicaemia)، ويُؤدِّي إلى ضررٍ دائم فـي الدِّماغ أو الأعصاب.
يتوفَّر عددٌ من اللقاحات التي تُؤمِّنُ شيئًا من الوقاية من التهاب السَّحايا.
معدَّلاتُ وقوع وانتشار التهاب السَّحايا
يمكن أن يُصِيبَ التهاب السَّحايا أيّ شخص، ولكنَّه أكثر شيوعًا عندَ الصِّغار والـمُراهقين والبالغين فـي مُقتبَل العُمر. يعدُّ التهاب السَّحايا الجرثوميّ مشكلةً مهمَّةً فـي الكثير من دول العالـم، لاسيَّما فـي البلدان النَّامية، حيث يعدُّ التهاب السَّحايا الجرثوميّ بالـمكوَّراتِ الرئويَّة pneumococcal السببَ الرئيسي لهذا الـمرض وللوفيات الناجمة عنه، حيث تُقدَّر الوَفَياتُ بنحو 0.7-1 مليون حالة سنويًا بين الأطفال بعمر أقلّ من 5 سنوات.
أسبابُ التهاب السَّحايا
يحدث التهاب السَّحايا بسبب عدوى بكتيريَّة أو فيروسيَّة عادةً، ويُعدُّ التهاب السَّحايا البكتيريّ أو الجرثومي bacterial meningitis أندرَ من التهاب السَّحايا الفيروسيّ (الذي يُسمَّى التهاب السَّحايا العَقيم aseptic meningitis أيضًا)، ولكنَّه أكثر خُطورةً.
هناك عددٌ من الفيروسات التي قد تسبِّب التهاب السَّحايا:
- الفيروسات الـمعويَّة Enteroviruses: وهي فيروساتٌ يمكن أن تؤدِّي إلى مرض مِعوي أيضًا.
- فيروسات الهِربس Herpes viruses: هي تلك الفيروسات التي تسبِّب قرحات الفم والهربس (القرحات) التناسلي. ولكنَّ الـمصابين بقرحات الفم والهربس التناسلي لا يحملون خطرًا مرتفعًا للإصابة بالتهاب السَّحايا الهربسيّ herpes meningitis.
- فيروسات النُّكاف والإيدز، حيث قد تؤدِّي إلى التهاب السَّحايا العقيم.
- فيروس غربـي النيل West Nile virus: ينتشر هذا الفيروسُ من خلال لسعات البعوض، وقد أصبح من أسباب التهاب السَّحايا الفيروسيّ فـي بعض البلدان.
كما يمكن أن ينجمَ التهاب السَّحايا، بدرجة أقلّ شيوعًا، عن الفطريَّات (لاسيَّما فـي مرضى السكَّري والسرطان) أو الطُّفَيليَّات أو عن أمراض غير مُعدِية مثل السرطانات والأورام والذئبة الحماميَّة الجهازيَّة وبعض الأدوية والـمواد الكيميائيَّة وإصابات الرأس وبعدَ جراحة الدِّماغ.
يمكن لحالات العدوى التي تُسبِّب التهاب السَّحايا أن تنتشِرَ عبر:
- العُطاس.
- السُّعال.
- التقبيل.
- استخدام أدوات مُشترَكة مع الآخرين، مثل لوازِم الـمائِدة أو فراشي الأسنان.
ينتقِلُ التهاب السَّحايا عادةً من الأشخاص الذين يحمِلون هذه الفيروسات أو البكتيريا فـي الأنف أو الحلق، ولكنهم ليسوا مرضى بأنفسهم. كما يمكن أن ينتقِلَ هذا الـمرض أيضًا من شخصٍ مصاب به، ولكن فـي حالاتٍ أقلّ شيوعًا.
أعراض التهاب السَّحايا
ذكرنا أنَّ التهاب السَّحايا الفيروسيّ أكثر شيوعًا من التهاب السَّحايا الجرثوميّ، وهو يحدث فـي أواخر الصيف وبداية الخريف، وأكثر ما يصيب الأطفالَ والبالغين دون عمر 30 سنة. أمَّا التهاب السَّحايا الجرثوميّ فيعدُّ من الحالات الإسعافيَّة، ويحتاج إلى معالجة فوريَّة فـي الـمستشفى، وتظهر أعراضُه وعلاماتُه بسرعة عادة.
تبدأ أعراضُ التهاب السَّحايا الناجم عن العدوى بشكلٍ مُفاجئ، ويمكن أن تنطوي على ما يلي:
- ارتِفاع حرارة الجسم إلى أكثر من 37.5 درجة مِئويَّة (تكون أشدَّ فـي التهاب السَّحايا الجرثوميّ، وتترافق بارتعاش ونوافض).
- التوعُّك والتعب.
- صُداع، ويكون شديدًا فـي التهاب السَّحايا الجرثوميّ.
- طفح بُقعيّ blotchy rash لا يختفي أو يخفّ عندَ الضغط عليه، ولكن لا يحدث هذا الطفح دائمًا.
- تيبُّس العُنق (التهاب السَّحايا الجرثوميّ بشكلٍ خاص).
- انزعاج من الأضواء اللامعة (رُهاب الضوء).
- نُعاس أو عدم استجابة واضطراب فـي الحالة الذهنيَّة (التهاب السَّحايا الجرثوميّ بشكلٍ خاص).
- اختِلاجات seizures (التهاب السَّحايا الجرثوميّ بشكلٍ خاص).
يمكن أن تظهرَ هذه الأعراضُ بأي ترتيب، وقد لا يظهر بعضها. كما قد يحدث هِياجٌ، وتبارز اليَافوخَين عند الرضَّع، وصعوبة فـي الرضاعة عندَ الأطفال، وتسرُّع فـي التنفُّس وتقوُّس فـي الظهر (تشنُّج).
التشخيص
لابدّ من استشارة الطبيب بأسرع وقتٍ ممكن إذا ظهر أحد الأعراض الـمذكورة عند الشخص البالغ أو الطفل، ويجب عدم الانتظار إلى أن يظهرَ الطفح.
وفضلًا عن الفحص السريري، يقوم الطبيبُ بسحب السائل النُّخاعي من العمود الفقري (البزل القطني) وإرساله للمختبر لفحصه ووضع التشخيص النَّوعي، كما يطلب زرع الدم وصورة للصدر وتصويرًا مقطعيًا محوسبًا للرأس.
معالجة التهاب السَّحايا
يخضع الأشخاص، الذين يُشتبه بإصابتهم بالتهاب السَّحايا، إلى بعض الفحوصات فـي الـمستشفى عادةً، وذلك لتأكيد التشخيص، ومعرفة ما إذا كانت الحالةُ تعود إلى عدوى فيروسيَّة أو بكتيريَّة.
يحتاج التهاب السَّحايا البكتيريّ أو الجرثومي إلى العلاج فـي الـمستشفى لأسبُوعٍ واحد على الأقلّ عادةً، وذلك للوقاية من حدوث أضرار عصبيَّة دائمة. تقوم الـمعالجة على:
- إعطاء الـمُضادَّات الحيويَّة فـي الوريد مباشرةً.
- إعطاء السَّوائِل فـي الوريد مباشرةً.
- إعطاء الأكسجين من خلال قناع الوجه.
يميلُ التهاب السَّحايا الفيروسيّ إلى التحسُّن من تلقاء ذاته خلال مدّة تتراوَح بين 7 إلى 10 أيَّام أو حتَّى أسبوعين، ويمكن علاجُه فـي الـمنزل عادةً؛ ويساعد الحُصول على الكثير من الراحة وتناوُل الـمُسكِّنات والأدوية الـمُضادَّة للتقيُّؤ على التخفيف من الأعراض فـي أثناء ذلك، وهو لا يترك مضاعفات دائمة. ولكن، يحتاج التهاب السَّحايا الهربسيّ إلى الـمعالجة بمضادَّات الفيروسات وريديًا فـي الـمستشفى.
الـمآل والمُضاعَفات
يتحسَّن التهاب السَّحايا الفيروسي وحده عادةً؛ ومن النادر أن يُسبِّب أيّ مشاكل طويلة الأمَد، كما أنَّ معظمَ الأشخاص الذين لديهم التهاب السَّحايا البكتيري أو الجرثومي ويتلقَّون العلاج بسرعة، سينجحون أيضًا فـي الشفاء بشكلٍ كامل، ولكن يُواجه بعضُهم مشاكلَ خطيرةً طويلة الأمد مثل:
- ضعف السَّمع أو الرؤية، وقد يكون هذا الضعفُ جزئيًا أو كامِلًا.
- مشاكل فـي الذَّاكرة والتركيز.
- تراكم السائل ما بين الجمجمة والدِّماغ (انصباب تحت الجافية subdural effusion).
- اختِلاجات مُتكرِّرة (الصَّرع epilepsy).
- مشاكل فـي التناسق والحركة والتوازُن.
- نقص أو فقدان السَّمع.
- فقدان الأطراف، حيث يصبح بترُ الطرف الـمُصاب ضروريًّا فـي بعض الأحيان.
- الوفاة.
بشكلٍ عام، يُقدَّر أنَّ حالةً واحِدةً من كلّ 10 حالات لالتهاب السَّحايا البكتيريّ تكون قاتِلة.
الوقاية: اللقاحات الـمُضادَّة لالتهاب السَّحايا
تُؤمِّنُ اللقاحاتُ شيئًا من الوِقاية تجاه أسباب مُعيَّنة لالتهاب السَّحايا، وتنطوي هذه اللقاحاتُ على:
- التهاب السَّحايا B: يُقدَّم للصِّغار فـي عمر 8 أشهر، وتتبعه جرعةٌ ثانية فـي عمر 16 أسبُوعًا، وجرعة داعِمة فـي عمر 12 شهرًا.
- لُقاح خمسة فـي واحد، يُعطى للصغار فـي عمر 8 و 12 و 16 أسبُوعًا.
- لقاح الـمُكوَّرة الرئويَّة pneumococcal، يُقدَّم للصِّغار فـي عُمر 8 أسابيع و 16 أسبُوعًا و 12 شهرًا.
- لقاح التهاب السَّحايا C، يُقدَّم للصِّغار فـي عُمر 12 أسبُوعًا و 12 شهرًا، وللمُراهقين واليافعين عندَ التحاقهم بالجامعات.
- لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألـمانيَّة MMR، يُقدَّم للصِّغار فـي عُمر 12 شهرًا، وجرعة ثانية فـي عمر 3 سنوات و 4 أشهر.
- لقاح التهاب السَّحايا ACWY، يُقدَّم للمُراهقين وطلاب الشهادة الثانويَّة والطلاب التحاقهم بالجامعات لأوَّل مرَّة.
كلمات رئيسية: التهاب السَّحايا، meningitis، السَّحايا، meninges، التهاب السَّحايا البكتيريّ، التهاب السَّحايا الجرثومي، bacterial meningitis، التهاب السَّحايا الفيروسيّ، لقاح المُكوَّرة الرئويَّة، pneumococcal، التهاب السَّحايا العقيم، التهاب السَّحايا الهربسي، لقاح التهاب السَّحايا C.
داءُ ألِكسندر Alexander Disease اضطرابٌ نادِرٌ يُصيب الجهاز العصبيّ، وُصَف أوّل مرّة سنة 1949 م، وسُمّي باسم كتشفه. ينتمي داءُ ألِكسندر إلى زمرة من الاضطرابات تُسمَّى حُثول الـمادَّة البيضاء leukodystrophies، كما يُسمّى حَثَل الـمادَّة البيضاء بخَلَل تَخَلُّق الـمَيَالين dysmyelogenic leukodystrophy أيضًا. تنطوي هذه الاضطرابات على تخريب الـميالين myelin، أي الغمد الدهنيّ الذي يعزل الأليافَ العصبية، ويُعزِّز النقل السريع للدُّفعات أو النبضات العصبية. إذا كان هناك خلل فـي الـميالين، يُمكن أن يتعرض نقل الدُّفعات العصبية إلى عرقلةٍ. ونظرًا إلى أنَّ الميالين يتخرّب في حُثول المادَّة البيضاء مثل داء ألكسندر، يحدث اضطراب في وظائف الجهاز العصبي.
تبدأ معظم حالات داء ألكسندر قبلَ العام الثانـي من العُمر، وتُوصَف بالشكل الطفليّ infantile. تنطوي علامات وأعراض الشكل الطفلي على حجم كبير للدِّماغ والرأس (تضخُّم الدِّماغ megalencephaly)، واختلاجات وتيبُّس فـي الذراعين أو الساقين (شُناج spasticity)، وإعاقة ذهنية وتأخّر نمائي عادةً. وعلى نحوٍ أقل تواترًا، يحدث البدء فـي مرحلة لاحقة من الطفولة، بالنسبة إلى الشكل الطفلي، أو فـي مرحلة ما بعد البلوغ. تنطوي الـمشاكل الشائعة فـي الشكل الطفلي والشكل عند البالغين لداء ألكسندر على مشاكل فـي التحدّث وصعوبة فـي البلع واختلاجات وضعف التناسق (الرَّنح ataxia). وفـي حالاتٍ نادرة، يحدث شكل وليديّ لهذا الداء خلال الأشهر الأولى من الحياة ويترافق مع إعاقة ذهنية شديدة وتأخّر نمائيّ، وتراكم السوائل فـي الدماغ (مَوه أو استقاء الرأس hydrocephalus) واختلاجات.
كما يتَّسِمُ داء ألكسندر بترسُّبات غير طبيعية للبروتين أيضًا تُعرَف باسم ألياف روزينثال Rosenthal fibers. توجد هذه الترسّبات فـي خلايا متخصّصة تُسمَّى الخلايا النجمية الدبقية astroglial، وهي تدعم وتُغذِّي خلايا أخرى فـي الدِّماغ والحبل الشوكي، أي الجهاز العصبي الـمركزي.
الانتشار
لا يُعرف مُعدَّل انتشار داء ألكسندر، ولكن جرت الإفادة عن نحو 500 حالة منذ أن وُصِف الاضطراب لأوَّل مرة سنة 1949 م.
العلامات والأعراض
لقد وُصفَت ثلاثة أشكال لداء ألكسندر بناءً على وقت ظهوره: الطفولـي Infantile واليفعي Juvenile و(الكهلي لدى البالغ). لكنّ رصدَ عددٍ كبير من الـمرضى أثبت أنّ لهذا الـمرض شكلين: النمط الأوّل، ويبدأ بشكلٍ عام فـي سنّ 4 سنوات؛ والنمط الثانـي الذي يمكن أن يبدأ فـي أيّ عمر، ولكن بعد سنّ الرابعة من العمر عادةً. تشتمل الأعراضُ الـمصاحبة للنمط الأوّل فشلَ النموّ وعدم زيادة الوزن بالـمعدّل الـمتوقّع، وتأخّر ظهور بعض الـمهارات الجسدية والذهنية والسلوكية التي تُكتَسب فـي مراحل معيّنة (خلل حركي نفسي) عادة، والعوارض الـمفاجئة للنشاط الكهربائي غير الـمنضبط فـي الدماغ (نوبات صرعيّة). كما تشتمل الـملامح الأخرى عادةً على الزيادة التدريجية لحجم الرأس (كِبَر الرأس)، وتصلّب العضلات وتحدّد الحركة (الشُّناج)، وضعف التناسق (الرنح)، والتقيّؤ وصعوبة البلع والسعال والتنفّس أو الكلام. ويظهر نحو 90٪ من الـمرضى الأطفال مشاكلَ فـي النموّ ونوبات صرعية.
يندر أن يُظهِر الـمصابون بداء ألكسندر من النمط الثانـي تأخّرًا أو تراجعًا فـي النموّ، أو تضخّمًا فـي الرأس، أو نوبات صرعية، كما قد يحصل التدهور الذهني ببطء أو لا يحدث على الإطلاق.
الأسباب
يحدُث داء ألكسندر نتيجة طفرة فـي الجين GFAP، حيث يُعطي هذا الجين تعليمات لصنع بروتين يُسمَّى البروتين الحمضي اللُّيَيفي الدبقي glial fibrillary acidic protein. يندمج عدد من جزيئات هذا البروتين مع بعضها بعضًا لتُشكِّل خُيوطًا متوسِّطة intermediate filaments، وهي تُؤمِّنُ الدعمَ والقوَّة للخلايا. تُؤدِّي الطفرات فـي الجين GFAP إلى إنتاج بروتين حمضي لُييفي دبقي مُتغيِّرٍ بنيويًا، ويُعتقد أنّ هذا البروتين الـمتغيّر يُضعِفُ تشكُّلَ الخيوط الـمتوسِّطة الطبيعية. ونتيجةً لذلك، من الـمُحتَمل أن يتراكم البروتين الحمضي اللُّيَيفي الدبقي غير الطبيعي فـي الخلايا النجمية الدبقيَّة، ويُؤدِّي إلى تشكُّل ألياف روزينثال، ممَّا يُضعِفُ وظائف الخلية. لا يعلم الباحِثون بشكل واضح كيف تُسهِمُ الخلايا النجمية الدبقية الـمضطربة فـي التشكُّل أو الصيانة غير الطبيعيين للميلانين، الأمر الذي يُسبّب داء ألكسندر.
الوراثة
قد يُورّث هذا الاضطراب بنموذج جسديّ سائد autosomal dominant pattern، أي إنَّ نسخةً واحدةً من الجين الـمتغيّر فـي كلّ خلية تكون كافيةً للتسبُّب فـي الاضطراب. ولكن، تنجُم معظم الحالات عن طفراتٍ جديدة عفويّة فـي الجين، وتحدُث هذه الحالات عند أشخاصٍ ليس لديهم تاريخ للاضطراب فـي العائلة. وفـي حالاتٍ نادرة، يرثُ الـمريض الطفرةَ من أحد والديه الـمُصاب بالاضطراب.
الـمعالجة
لا يوجد شفاء من داء ألكسندر، كما لا يوجد مسار علاجي معياري. ويعتمد التدبيرُ على العِلاج الداعم فقط. ويعدّ مآل الـمصابين بالـمرض سيِّئًا بشكلٍ عام؛ فمعظم الأطفال الـمصابين بالشكل الطفولي لا يعيشون أكثر من ست سنوات. أمّا الشكلان الآخران اللذان يظهران عند اليافعين والبالغين فيكون مسار الـمرضُ لديهم أبطأ وأطول.
التصلُّب الـمتعدِّد multiple sclerosis (MS) مرضٌ أو حالةٌ التهابيَّة مرتبطة بالـمناعة الذاتيَّة، يمكن أن تُصيبَ بعضَ الألياف العصبيّة فـي الدماغ والنُّخاع الشوكي (الجهاز العصبي الـمركزي)، مؤدِّيةً إلى ظهور عددٍ كبير من الأعراض الـمُحتملة، كحدوث مشاكل فـي الرؤية أو فـي حركة الذراع أو حركة الساق أو الإحساس أو التوازن. وفـي غضون 20-25 سنة من بدء الـمرض، يمكن أن يصل الـمريضُ إلى حالة من العجز فـي أكثر من 30 فـي الـمائة من الحالات.
تَستَمِرُّ هذه الحالةُ طوالَ الحياة، وقد تتسبَّبَ فـي بعض الأحيان بحدوث حالات عجزٍ خطيرة، رغمَ أنَّها قد تكون خفيفةً أحيانًا. ولكن، يمكن معالجةُ الأعراض فـي الكثير من الحالات. هذا، وينخفض متوسِّطُ العمر الـمتوقَّع قليلًا عند الـمصابين بالتصلُّب الـمتعدِّد.
الوقوع والانتشار
من الشائع أن تُصيبَ هذه الحالةُ الأشخاصَ الذين تتراوح أعمارهم بين 20-40 عامًا، رغم احتمال حدوثها فـي جميع الأعمار. وتكون نسبةُ إصابة النساء أكبرَ بضعفين أو بثلاثة أضعاف من نسبة إصابة الرجال بهذه الحالة، مثلها فـي ذلك مثل الأمراض الـمناعيَّة الذاتيّة الأخرى.
هناك نحو مليونين و 100 ألف حالة تصلُّبٍ متعدِّد فـي العالـم، حيث يُشاهَد الـمرضُ فـي جميع أجزاء العالم وبكافَّة الأعراض، لكنَّ الـمعدَّلات تتفاوت بشكلٍ واسع. وعلى العُموم، يميل معدَّلُ انتشار التصلُّب الـمتعدِّد إلى الزيادة حسب النطاق الجغرافي (فهو فـي الـمناطق الـمداريَّة أقلّ بكثير منه فـي شمالي أوروبا)، لكنْ هناك عدد من الاستثناءات (حيث يقلُّ عندَ الصينيين واليابانيين والسُّود الأفارقة، ويرتفع بين سكَّان سردينيا والفلسطينيين والبارسيين "من سكَّان الهند الذين تعود أصولهم إلى إيران").
تشيرُ التقديراتُ إلى تشخيص أكثر من مائة ألف إصابة بالتصلُّب الـمتعدِّد فـي الـمملكة الـمتّحدة، على سبيل الـمثال.
أسباب التصلُّب المتعدِّد
يُعدُّ التصلُّب الـمتعدِّد من حالات المناعة الذاتية autoimmune؛ حيث يحدث عندما يظهر خللٌ فـي جهاز المناعة ليقومَ بمهاجمة جزء سليم من الجسم عن طريق الخطأ، ويكون الدماغُ أو النخاع الشوكي (والعصب البصري) هو الجزء الذي يتعرَّض للهجوم فـي الجهاز العصبي.
عندَ الإصابة بالتصلُّب الـمتعدِّد، يقوم جهاز الـمناعة بمهاجمة الطبقة التي تحيط العصب وتحميه، وتسمَّى الغمدَ الـمياليني myelin sheath، ممَّا يؤدِّي إلى تضرُّر الغمد وتندُّبه نتيجة الالتهاب، وقد يصل الضررُ إلى الأعصاب، ممَّا يعني أنَّ سرعةَ انتقال الإشارات العصبيَّة تصبح أبطأ أو قد تتوقَّف.
ما زالت الأسبابُ التي تدفع جهازَ الـمناعة إلى العمل بهذه الطريقة مجهولة، إلاَّ أنَّ العلماءَ يعتقدون بوجود دورٍ للعوامل الوراثية والبيئية (خلل جيني أو فيروس ما) فيما يحدث.
أعراض التصلُّب الـمتعدِّد
تختلف أعراضُ التصلُّب الـمتعدِّد كثيرًا من شخصٍ إلى آخر، ويمكن أن يُصابَ أيَّ جزءٍ من الجسم بهذه الحالة، ولذلك تختلف الأعراضُ بحسب موضع الهجمة وشدَّتها أيضًا. يمكن أن تدومَ الهجمات أو النوباتُ أيَّامًا أو أسابيعَ أو أشهرًا أو أكثر من ذلك، وتُتبَع هذه الهجماتُ بأوقات هوادة تكون خاليةً من الأعراض أو قليلة الأعراض. وقد تُثار الهجماتُ أو تتفاقم بالحمَّى والحمَّام الساخن والتعرُّض للشمس والشدَّة النفسيَّة.
تشتمل الأعراضُ الرئيسية للتصلُّب الـمتعدِّد على ما يلي:
- الشعور بالتعب، وهو من الأعراض الشائعة؛ ويتفاقم فـي وقت متأخِّر من النهار.
- صعوبة الـمشي.
- مشاكل فـي تحريك الذراعين والساقين مع رُعاش.
- نقص السَّمع.
- مشاكل فـي الرؤية (التهاب العَصَب البصري)، مثل تشوُّش الرؤية blurred vision أو نقصها، والرؤية الـمزدوجة (الشفع)؛ وانزعاج عيني، وحركات غير مضبوطة فـي العينين.
- إمساك وسلَس براز.
- مشاكل فـي ضبط الـمثانة.
- صعوبة فـي بَدء التبوُّل مع حاجة متكرِّرة، وملحَّة أحيانًا، إلى التبوُّل، وسَلَس بول.
- الشعور بالنخز tingling أو الاخدرار numbness أو اضطراب الحسِّ فـي أجزاء مختلفة من الجسم، وهذا من العلامات الـمبكِّرة.
- تيبُّس العضلات وتَشنُّجها (أعراض ناجمة عن إصابة النُّخاع الشوكي).
- دوخة ومشاكل فـي التوازن والتناسق co-ordination والحركات الصغيرة والكلام (أعراض مخيخيَّة).
- اضطراب فـي الـمضغ والبلع.
- مشاكل التفكير والتعلُّم والتخطيط planning.
- ألم العصب ثلاثي التوائم، وقد يكون فـي الجانبين.
- حركات نفضيَّة غير منتظمة فـي عضلات الوجه.
- نقص الانتباه وضعف الـمحاكمة واضطراب الذاكرة.
- صعوبة فـي حلِّ الـمشاكل والتركيز.
- اكتئاب ومشاعر حزن.
- مشاكل فـي الانتصاب والتزليق المهبلي.
قد تظهر أعراضُ التصلُّب الـمتعدِّد وتختفي على مراحل، وذلك وفقًا لنوعه، أو أن تتفاقم تدريجيًّا مع مرور الوقت.
أنواع التصلُّب الـمتعدِّد
يبدأ التصلُّب الـمتعدِّد بإحدى طريقتين عادةً: إمَّا بانتكاساتٍ مفردة individual relapses (نوبات) أو بالتفاقم التدريجي للأعراض.
التصلُّب الـمتعدِّد الناكس الـمتقطِّع
تبلغ نسبةُ الـمصابين بالتصلّب الـمتعدِّد الناكِس الـمتقطِّع relapsing-remitting MS أكثر من 80 فـي الـمائة من مجمل الـمصابين بالتصلُّب الـمتعدِّد.
يُعانـي الـمصابُ بهذا النوع من التصلُّب المتعدِّد من أعراضٍ جديدة أو متفاقمة، تُعرَفُ "بالانتكاسات relapses"، حيث تتفاقم هذه الأعراضُ خلال بضعة أيام عادةً، وتستمرُّ هذه الحالةُ عدةَ أيام أو أسابيع أو أشهر، ثمَّ تبدأ الحالةُ بالتحسُّن البطيء خلال مدّةٍ زمنيَّة مماثلة. تحدث هذه الانتكاساتُ دون إنذارٍ مسبَق غالبًا، ولكنها تتزامن فـي بعض الأحيان مع الإصابة بمرضٍ أو بشدَّةٍ نفسية.
قد تختفي جميعُ أعراض الانتكاسة أو النوبة بالعلاج أو من دونه، رغم أنَّ بعضَ الأعراض تستمرُّ أحيانًا، مع تكرُّر حدوث الهجمات خلال عدَّة سنوات. تُسمَّى الفتراتُ الفاصلة بين الهجمات بفترات "الهوادة remission". وقد تستمرّ هذه الفتراتُ عدَّةَ سنوات.
ويمكن، بعدَ مرور سنواتٍ طويلة (عقود عادةً) من إصابة بعض الأشخاص بالتصلب الـمتعدِّد الناكس الـمتقطِّع، أن يظهرَ التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقِّي الثانوي secondary progressive MS. وفـي هذا النمط من التصلُّب الـمتعدِّد، تتفاقم الأعراضُ تدريجيًّا مع مرور الوقت دون حدوث هجمات واضحة. وتستمر معاناةُ بعض الأشخاص من حدوث انتكاسات قليلة خلال هذه الـمرحلة.
فـي نحو 50 فـي الـمائة من الـمصابين بالتصلب الـمتعدِّد الناكس المتقطِّع، يحدث التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقّي الثانوي خلال 15-20 عامًا من بدء الـمرض، ويزداد خطرُ حدوث هذا النوع كلما طالت مدّةُ الإصابة بهذه الحالة.
التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقي الأوَّلي
يحدث التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقِّي الأوَّلي primary progressive MS عند أكثر من 10 فـي الـمائة من الـمصابين بالتصلب الـمتعدِّد، وذلك بالتفاقم التدريجي للأعراض.
عندَ حدوث التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقّي الأوَّلي، تتفاقم الأعراضُ تدريجيًّا وتتراكم على مدى عدة سنوات، مع عدم وجود فترات هوادة، رغم مرور فترات يعتقد فيها الأشخاصُ أنَّ حالتَهم أصبحت مستقرة.
التشخيص
ينبغي مراجعةُ الطبيب عندَ الشكِّ بوجود علامات مبكِّرة للتصلُّب الـمتعدِّد. تعدُّ الأعراضُ الـمبكِّرة مُشتركة بين الكثير من الحالات الصحّية غالبًا، لذلك فليس من الضروري أن تكونَ هذه الأعراضُ دليلًا على الإصابة بالتصلُّب الـمتعدِّد. ولذلك، لابدَّ أن يعلمَ الطبيب نوعَ الأعراض التي يُعانيها الشخص.
يقوم الطبيبُ بإجراء فحص للجهاز العصبي، مثل تحرِّي الـمنعكسات العصبيَّة التي تكون مضطربةً فـي التصلُّب الـمتعدِّد، مع اضطرب فـي الحسّ والحركة والرؤية.
إذا اشتبه الطبيبُ بوجود التصلُّب الـمتعدِّد، يُحيلُ الشخص إلى طبيبٍ اختصاصيٍّ بالأمراض العصبية، حيث قد يقترح إجراء بعض الاختبارات، كالتصوير بالرنين المغناطيسي، للتحقُّق من ملامح التصلُّب الـمتعدِّد.
معالجةُ التصلُّب الـمتعدِّد
ليس هناك شفاءٌ من التصلُّب الـمتعدِّد حتّى الآن، إلاَّ أنَّه توجد مجموعةٌ من المعالجات يمكنها الـمساعدة على ضبط الحالة. ويعتمد تحديدُ نوع العلاج على طبيعة الأعراض والصعوبات التي يُواجِهها الـمريض نتيجة إصابته. ويمكن أن تتضمَّنَ ما يلي:
- معالجة الانتكاسات والنوبات باستعمال أشواطٍ قصيرة من الأدوية الستيرويدية لتسريع الشفاء.
- معالجات نوعيَّة لأعراض التصلُّب الـمتعدِّد كلّ على حِدَة.
- استعمال علاج لخفض عدد الانتكاسات باستعمال أدويةٍ تُسمَّى الأدوية الـمُعدِّلة للمرض disease-modifying therapies.
قد تساعد الـمعالجاتُ المُعدِّلة للمرض على إبطاء تفاقم العجز الناجم عن التصلُّب الـمتعدِّد أو الحدِّ منه عندَ الـمصابين بالتصلُّب الـمتعدِّد الناكس الـمتقطّع، وكذلك عند الـمصابين بالتصلب الـمتعدِّد الـمترقي الثانوي الذين ما زالوا يُعانون حدوثَ الانتكاسات.
وللأسف، لا يتوفَّر أيُّ علاجٍ حاليًا يمكنه إبطاء تقدُّم التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقّي الأوَّلي أو التصلُّب الـمتعدِّد الـمترقِّي الثانوي فـي غياب الانتكاسات.
وهناك معالجاتٌ أخرى داعمة، مثل الـمعالجة الفيزيائيَّة ومعالجة مشاكل الكلام والأجهزة الداعمة (مثل الكراسي الـمتحرِّكة) والتغذية الجيِّدة وتمارين الاسترخاء ... إلخ.
الـمآل
تختلف العواقبُ من شخصٍ إلى آخر؛ ولكنَّ التعايشَ مع التصلُّب الـمتعدِّد ليس بالأمر السهل، مع أنَّ الـمعالجاتِ الحديثةَ التي استُعملَت خلال الأعوام العشرين الأخيرة قد حسَّنت كثيرًا من جودة حياة الـمصابين بهذه الحالة. ويكون المآلُ أفضلَ عند الشرائح التالية من الـمرضى:
- النساء.
- الذين بدأ الـمرضُ لديهم قبلَ عمر 30 سنة.
- الـمرضى الذين ليس لديهم نوباتٌ كثيرة.
- الـمرضى الذين لديهم فترات هوادة طويلة.
- الـمرضى الذين لديهم شكلٌ محدود من الـمرض.
من النادر أن يؤدِّي التصلُّبُ الـمتعدِّد إلى الـموت، ولكن قد تحدث مضاعفاتٌ نتيجة التصلُّب الـمتعدِّد الشديد، مثل عدوى الصدر أو الـمثانة أو صعوبات البلع.
يبلغ متوسِّطُ عمر الـمصابين بالتصلب الـمتعدِّد أقلَّ بنحو 5-10 سنوات عن الـمتوسِّط الطبيعي، ويبدو أنَّ هذا الفارقَ يتقلَّص بمرور الوقت.
الـمضاعفات
- الاكتئاب.
- صعوبة البلع.
- صعوبة التفكير.
- عدم القدرة على العناية بالنفس.
- الحاجة إلى قثطار بولي دائم.
- هشاشة العظام.
- قرحات الضغط.
- التأثيرات الجانبيَّة للأدوية.
- عدوى المسالك البوليَّة.