Pin It

الإكزيمةُ التحسُّسِيَّة (التأتُّبِيَّة) atopic eczema، أو كما تُسمَّى التهاب الجلد التحسُّسيّ الشديد أو التهاب الجلد التأتُّبي atopic dermatitis، اضطرابٌ جلديّ مزمن قد يكون شديدَ الوطأة، وهو يمثِّل أكثرَ أنواع الإكزيمة شُيوعًا، يُصيب الأطفالَ بشكلٍ رئيسيّ، ولكن يُمكن أن يُصيبَ البالغين أيضًا.

تؤدِّي الإكزيمةُ إلى حكَّةٍ فـي الجلد الذي ينقلب لونُه إلى الأحمر، ويبدو عليه الجفاف والتشقُّق؛ وتعدُّ حالةً مُزمِنة عندَ مُعظم النَّاس، رغم أنَّها قد تتحسَّن مع مرور الوقت، لاسيّما عند الأطفال.

يُستخدَم مُصطلحُ الإكزيمة للتعبير عن مجموعةٍ من الحالات الجلديَّة التي تُؤدِّي إلى جفاف الجلد وتهيُّجه، مثل:

  • الإكزيمة القُرصيَّة الشكلdiscoid eczema: تظهر على شكل دوائر أو بُقع بيضويَّة الشكل على الجلد.
  • التِهاب الجلد التَّماسيcontact dermatitis: يحدُث هذا النمطُ من الإكزيمة عندما يتعرَّض الجسمُ للتماس مع مواد مُعيَّنة.
  • إكزيمة الدَّواليvaricose eczema: نمطٌ يُصيب الساقين عادةً، ويحدُث بسبب مشاكل تتعلَّق بجريان الدم عبر الأوعية فـي الساق.
  • الإكزيمة الـمثِّية (الدهنيَّة)seborrhoeic eczema: إكزيمةٌ تظهر فيها بُقع حُمْر حرشفيَّة على جانبي الأنف والحاجبين والأذنين وفروة الرأس.
  • إكزيمة خلل التعرُّقdyshidrotic eczema (الفاقُوع pompholyx): تتَّصِف بظهور بُثور صغيرة على راحة الكفّ.

يُمكن أن تُصِيبَ الإكزيمةُ التأتُّبِيَّة أيّ جزء من الجسم، ولكنَّها أكثرُ ما تظهر فـي الـمواضع التالية:

  • فروة الرَّأس.
  • خلف الرُّكبة أو أمامها.
  • الـمِرفق.
  • حول العُنق.
  • اليدان.
  • الخدَّان.

يمرُّ مرضى الإكزيمة التأتُّبِيَّة عادةً بمراحل تكون فيها الأعراضُ أقلّ وُضوحًا، وأخرى تُصبِحُ فيها الأعراضُ أكثرَ شدَّةً (الهبَّات أو النوبات).

معدَّل وقوع الإكزيمة التأتُّبِيَّة وانتشارها

تحدث الإكزيمةُ عندَ الأطفال دُون العام الخامِس من العُمر عادةً، ويُصاب العديدُ من الأطفال بهذه الحالة قبلَ بلوغهم العام الأوَّل. ولكن، يقلُّ احتمالُ ظهور هذه الـمشكلة عندَ الأطفال الذين يرضعون رضاعةً طبيعيَّة لـمدَّة 4 شهور على الأقلّ. كما أنَّ بعضَ أنواع مستحضرات الحليب الصناعي يمكن أن تقلِّلَ من احتمال إصابة الأطفال بالإكزيمة التأتُّبِيَّة.

تحدث الإكزيمةُ التأتُّبِيَّة فـي زُهاء 20 فـي الـمائة من الأطفال ونحو 3 فـي الـمائة من البالغين. وتشير معطياتٌ حديثة إلى أنَّ انتشارَها فـي ازدياد، لاسيَّما فـي البلدان ذات الدخل الاقتصادي الـمنخفض.

يُمكن أن تتحسَّنَ الإكزيمة التأتُّبِيَّة بشكلٍ ملحُوظ أو تختفي عندَ بعض الأطفال مع مرور الزمن، لاسيّما عند بلوغهم 11 عامًا أو 16 عامًا من العُمر؛ ولكن قد تستمرّ الحالةُ إلى مرحلة ما بعدَ البلوغ، أو تظهر لأوَّل مرَّة عندَ الشخص البالغ.

أسبابُ الإكزيمة التأتُّبِيَّة

لا يُعرَف السبَّبُ الدَّقيق للإكزيمة التأتُّبِيَّة، ولكن يبدو أنَّها تحدُث لعدَّة أسباب؛ كما أنَّها تُصيب الأشخاصَ الذين لديهم حساسيَّة غالبًا، ويُمكن أن تنتقِلَ بين أفراد العائلة، وأن تحدُثَ مع حالاتٍ أخرى، مثل الرَّبو وحمَّى القشّ (حمَّى الكلأ) hay fever. ولكنَّ ظهورَ الإكزيمة التأتُّبِيَّة يبدأ باكرًا فـي الحياة، قبلَ الأمراض التحسُّسية الأخرى عادةً، مثل التهاب الأنف التحسُّسي أو الربو. ويكون لدى الـمصابين بهذا الاضطراب الجلديّ عادةً عواملُ خطر محدَّدة وراثيًا تؤثِّر فـي الوظيفة الحاجزية للجلد أو جهاز الـمناعة. ولكن، قد لا تكون الطفراتُ (التبدُّلات) الوراثية وحدَها كافيةً لإحداث الـمظاهر السريريَّة للمرض، وإنما تنجم عن التداخل بين الاستعداد الوراثي والتأثيرات الضارَّة للعوامل البيئية.

هناك أنواع مُعيَّنة من مُحرِّضات الإكزيمة التأتُّبِيَّة، مثل الصابُون والـمُنظِّفات والشدَّة والطقس، ويُمكن للحساسية تِجاه الطعام أن تُمارِسَ دورًا فـي بعض الأحيان، لاسيّما عندَ الأطفال الـمصابين بالإكزيمة الشديدة.

أَعراضُ الإكزيمة التأتُّبِيَّة

تشتمل التغيُّرات الجلديَّة فـي هذه الـمرض على ما يلي:

  • فقاعات أو بثرات نازَّة ومتقشِّرة.
  • جلد جاف فـي كامل الجسم، أو مناطق من الجلد الخشِن على القسم الخلفي من الذراعين والأمامي من الفخذين.
  • مفرزات أو نزف من الأذنين.
  • مناطق مكشوطة من الجلد بسبب الحكِّ والخدش.
  • تغيُّرات فـي لون الجلد، مثل زيادة أو نقص اللون عن الطبيعي.
  • احمرار أو التهاب الجلد حولَ البثرات أو الفقاعات.
  • مناطق مُتَثخِّنة أو سميكة من الجلد، وهذا ما قد يحدث بعدَ التخريش والحكِّ المزمنين.
  • فـي الأطفال قبلَ عمر السنتين، تبدأ الآفاتُ الجلدية على الوجه والفروة واليدين والقدمين. وغالبًا ما يكون الطفحُ مصحوبًا بحكَّة وفقاعات ونزّ، أو بتشكَّل قشور.
  • أمَّا فـي الأطفال الأكبر سنًّا والبالغين، فغالبًا ما يُشاهَد الطفحُ الجلديّ خلف الركبتين والـمرفقين. كما قد يظهر على الرقبة واليدين والقدمين. ويمكن أن يظهرَ فـي أيِّ مكان فـي الحالات الشديدة. وتعدُّ الحكَّةُ الشديدةً أمرًا شائعًا، وقد تظهر قبلَ بدء الطفح.

تشخيصُ الإكزيمة التأتُّبِيَّة

يقوم الطبيبُ بإجراء فحصٍ سريري للمريض، وربَّما يطلب أخذَ خزعةٍ من الجلد لإثبات التشخيص أو استبعاد الـمشاكل الجلديَّة الأخرى. ويعتمد التشخيصُ على ما يلي:

  • مظهر الجلد.
  • التاريخ الشخصي والعائلي.

وقد تفيد اختباراتُ حساسيَّة الجلد فـي الحالات التالية:

  • التهاب الجلد التحسُّسي الـمعنِّد على الـمعالجة.
  • أعراض التحسُّس الأخرى.
  • الطفح الجلديّ الذي يظهر على مناطق محدَّدة من الجلد بعدَ التعرُّض لـمادَّةٍ كيميائيَّة ما.

معالجة الإكزيمة التأتُّبِيَّة

لا يُوجد حاليًا شفاءٌ من الإكزيمة التأتُّبِيَّة، ولكن يُمكن التخفيفُ من الأعراض، ممَّا يُساعِد على تحسُّن مُعظم الحالات مع مرور الزمن.

تُؤثِّرُ الإكزيمةُ الشديدة بشكلٍ كبيرٍ فـي الحياة اليومية للشخص من ناحية بدنية ونفسية، كما تترافق أيضًا مع زِيادةٍ فـي خطر عدوى الجلد بسبب الحكِّ وضعف بنية الجلد؛ ويُمكن اللجوء إلى بعض الطرائق العلاجيَّة للسيطرة على الأعراض، مثل:

  • طرائق العِناية الشخصيَّة، كالتقليل من حكّ الجلد وتجنُّب مُحرِّضات الإكزيمة؛ وربَّما يؤدِّي ذلك إلى انتفاء الحاجة إلى الأدوية.
  • تقليم الأظافر، وارتداء قفَّازات خفيفة خلال النوم إذا كان الحكّ الليلي يزيد الأمر سوءًا.
  • تناول مضادَّات الحكَّة (مضادَّات الهيستامين) عبر الفم للتخفيف من الرغبة بالحكِّ.
  • الـمحافظة على رطوبة الغرفة.
  • مُطرِّيات الجلدemollients التي تعمل على ترطيب البشرة، وتُستخدم يوميًّا للجلد الجافّ.
  • الستيرويدات القشريَّة الـموضعيَّةtopical corticosteroids، وهي تُستخدَم للتقليل من التورُّم واحمرار البشرة والحكَّة فـي أثناء نوبات الإكزيمة. وقد تُستعمَل الستيرويدات عبر الفم أحيانًا.
  • تجنُّب الأشياء التي تُفاقِم الأعراض، مثل:

- الأطعمة التي قد تحدث تفاعلًا تحسُّسيًا فـي الأطفال الصغار جدًّا، مثل البيض.

- الـمخرِّشات، مثل الصوف.

- الصوابين أو الـمنظِّفات القوية، فضلًا عن المواد الكيميائية والـمذيبات.

- التغيُّرات الـمفاجئة فـي حرارة الجسم والعوامل الـمسبِّبة للضيق، التي قد تسبِّب التعرُّق.

- الأشياء التي تثير الحساسيَّة.

الـمضاعفات والعواقب

قد تحدث الـمضاعفاتُ التالية فـي الإكزيمة التحسُّسِيَّة (التأتُّبِيَّة):

  • عدوى الجلد بالجراثيم أو الفطور او الفيروسات.
  • ندبات دائمة.
  • تأثيرات جانبيَّة ناجمة عن الاستعمال الـمزمن للأدوية للسيطرة على الإكزيمة.

تستمرُّ الإكزيمةُ التحسُّسِيَّة وقتًا طويلًا؛ ويمكن السيطرةُ عليها بالـمعالجة وتجنُّب العوامل الـمهيِّجة أو الـمخرِّشة، والـمحافظة على رطوبة الجلد.

فـي الأطفال، غالبًا ما تبدأ الحالةُ بالشفاء بعمر 5-6 سنوات تقريبًا، لكن تتفاقم من جديد فـي معظم الأحيان. أمَّا فـي البالغين، فتكون الـمشكلةُ مزمنةً أو ناكِسة عادةً.

تكون السيطرةُ على الإكزيمة التحسُّسِيَّة أصعبَ فـي الحالات التالية:

  • عندما تبدأ فـي عمرٍ مبكِّر.
  • عندما تشمل جزءًا كبيرًا من الجسم.
  • عندما تترافق مع حالاتٍ تحسُّسية أخرى، كالربو.
  • عندما تحدث لدى شخص لديه تاريخٌ عائلي للإكزيمة.